دم الحامل ليس بحيض .
و دم الحامل ليس بحيض و إن كان ممتدا عندنا .
و قال الشافعي : هو حيض في حق ترك الصوم و الصلاة و حرمة القربان لا في حق أقراء العدة و احتج بما روي [ عن النبي في أنه قال لفاطمة بنت حبيش : إذا أقبل قرؤك فدعي الصلاة ] من غير فصل بين حال و حال و لأن الحامل من ذوات الأقراء لأن المرأة إما أن تكون صغيرة أو آيسة أو من ذوات الأقراء و الحامل ليست بصغيرة و لا آيسة فكانت من ذوات الأقراء إلا أن حيضها لا يعتبر .
في حق أقراء العدة لأن المقصود من أقراء العدة فراغ الرحم و حيضها لا يدل على ذلك .
ولنا : قول عانشة Bها : الحامل لا تحيض و مثل هذا لا يعرف بالرأي فالظاهر أنها قالته سماعا من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لأن الحيض اسم للدم الخارج من الرحم و دم الحامل لا يخرج من الرحم لأن الله تعالى أجرى العادة أن المرأة إذا حبلت ينسد فم الرحم فلا يخرج نه شيء فلا يكون حيضا .
وأما الحديث فنقول : بموجبه لكن لم قلتم إن دم الحامل قرء و الكلام فيه و الدليل على أنه ليس بقرء ما ذكرنا و به تبين أن الحديث لا يتناول حالة الحبل .
و أما المبتدأة بالحبل و هي التي حبلت من زوجها قبل أن تحيض إذا ولدت فرأت الدم زيادة على أربعين يوما فهو استحاضة لأن الأربعين للنفاس كالعشرة للحيض ثم الزيادة على العشرة في الحيض استحاضة فكذا الزيادة على الأربعين في النفاس .
و أما صاحبة العادة في النفاس إذا رأت زيادة على عادتها فإن كانت عادتها أربعين فالزيادة استحاضة لما مر و إن كانت دون الأربعين فما زاد يكون نفاسا إلى الأربعين فإن زاد علي الأربعين ترد إلى عادتها فتكون عادتها نفاسا و ما زاد عليها يكون استحاضة ثم يستوي الجواب فيما إذا كان ختم عادتها بالدم أو بالطهر عند أبي يوسف .
وعند محمد : إن كان ختم عادتها بالدم فكذلك و أما إذا كان بالطهر فلا لأن أبا يوسف يرى ختم الحيض و النفاس بالطهر إذا كان بعده دم و محمد لا يرى ذلك وبيانه ما ذكر في الأصل إذا كانت عادتها في النفاس ثلاثين يوما فانقطع دمها على رأس عشرين يوما و طهرت عشرة أيام تمام عادتها فصلت و صامت ثم عاودها الدم و استمر بها حتى جاوز الأربعين ذكر أنها مستحاضة فيما زاد على الثلاثين و لا يجزبها صومها في العشرة التي صامت فيلزمها القضاء .
قال الحاكم الشهيد : هذا على مذهب أبي يوسف يستقيم فأما على مذهب محمد ففيه نظر لأن أبا يوسف يرى ختم النفاس بالطهر إذا كان بعده دم فيمكن جعل الثلاثين نفاسا لها عنده و إن كان ختمها بالطهر و محمد لا يرى ختم النفاس والحيض بالطهر فنفاسها في هذا الفصل عنده عشرون يوما فلا يلزمها قضاء ما صامت في العشرة الأيام بعد العشرين والله أعلم .
و ما تراه النفساء من الدم بين الولادتين فهو دم صحيح في قول أبي حنيفة و أبي يوسف وعند محمد و زفر فاسد بناء على أن المرأة إذا ولدت و في بطنها ولد آخر فالنفاس من الولد الأول عند أبي حنيفة و أبي يوسف و عند محمد و زفر من الولد الثاني و انقضاء العدة بالولد الثاني بالإجماع .
وجه قول محمد و زفر : أن النفاس يتعلق بوضع ما في البطن كانقضاء العدة فتعلق بالولد الأخير .
- كانقضاء العدة و هذا لأنها بعد حبلى و كما لا يتصور انقضاء عدة الجمع بدون وضع الحمل لا يتصور وجود النفاس من الحبلى لأن النفاس بمنزلة الحيض و لأن النفاس مأخوذ من تنفس الرحم و لا يتحقق ذلك على الكمال إلا بوضع الولد الثاني فكان الموجود قبل وضع الولد الثاني نفاسا من وجه دون وجه فلا تسقط الصلاة عنها بالشك كما إذا ولدت ولدا واحدا و خرج بعضه دون البعض .
و لأبي حنيفة و أبي يوسف أن النفاس إن كان دما يخرج عقيب النفس فقد وجد بولادة الأول و إن كان دما يخرج بعد تنفس الرحم فقد وجد أيضا بخلاف انقضاء العدة لأن ذلك لتعلق بفراغ الرحم ولم يوجد و النفاس يتعلق بتنفس الرحم أو بخروج النفس و قد وجد أو يقول بقاء الولد في البطن لا ينافي النفاس لانفتاح فم الرحم و أما الحيض من الحبلى فممتنع لانسداد فم الرحم و الحيض اسم لدم يخرج من الرحم فكان الخارج دم عرق لا دم رحم و أما قولهما : وجد تنفس الرحم من وجه دون وجه فممنوع بل وجد على سبيل الكمال لوجود خروج الولد بكماله بخلاف ما إذا خرج بعض الولد لأن الخارج منه إن كان أقله لم تصر نفساء حتى قالوا يجب عليها أن تصلي و تحفر لها حفيرة لأن النفاس يتعلق بالولادة ولم يوجد لأن الأقل يلحق بالعدم بمقابلة الأكثر فأما إذا كان الخارج أكثره فالمسألة ممنوعة أو هي على هذا الاختلاف و أما فيما نحن فيه فقد وجدت الولادة على طريق الكمال فالدم الذي يعقبه يكون نفاسا ضرورة