شرائط وجوب اللعان و جوازه .
فصل : و أما شرط وجوب اللعان و جوازه فأنواع بعضها يرجع إلى القاذف خاصة و بعضها يرجع إلى المقذوف خاصة و بعضها يرجع إليهما جميعا و بعضها يرجع إلى المقذوف به و بعضها يرجع إلى المقذوف فيه و بعضها يرجع إلى نفس القذف أما الذي يرجع إلى القاذف خاصة فواحد و هو عدم إقامة البينة لأن الله تعالى شرط ذلك في آية اللعان بقوله عز و جل : { و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } الآية حتى لو أقام أربعة من الشهود على المرأة بالزنا لا يثبت اللعان و يقام عليها حد الزنا لأنه قد ظهر زناها بشهادة الشهود و لو شهد أربعة أحدهم الزوج فإن لم يكن من الزوج قذف قبل ذلك تقبل شهادتهم و يقام عليها الحد عندنا و عند الشافعي لا تقبل شهادة الزوج عليها .
وجه قول الشافعي : أن الزوج متهم في شهادته لاحتمال أنه حمله الغيظ على ذلك و لا شهادة للمتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لأنه يدفع المغرم عن نفسه و هو اللعان و لا شهادة لدافع المغرم على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و لنا : أن شهادته بالقبول أولى من شهادة الأجنبي لأنها أبعد من التهمة إذ العادة أن الرجل يستر على امرأته ما يلحقه به شين فلم يكن متهما في شهادته فتقبل كشهادة الوالد على ولده .
و قوله : إنه يدفع المغرم عن نفسه بهذه الشهادة ممنوع فإنه لم يسبق منه قذف يوجب اللعان فإنه لم يسبق هذه الشهادة قذف ليدفع اللعان بها فصار كشهادة الأجنبي فإنها تقبل و لا تجعل / دافعا للحد عن نفسه كذا هذا و إن كان الزوج قذفها أولا ثم جاء بثلاثة سواه فشهدوا فهم قذفة يحدون و على الزوج اللعان لأنه لما سبق منه القذف فقد وجب عليه اللعان فهو بشهادته جعل دافعا للضرر عن نفسه فلا تقبل شهادته و الزنا لا يثبت بشهادة ثلاثة فصاروا قذفة فيحدون حد القذف و يلاعن الزوج لقذف زوجته فإن جاء هو و ثلاثة شهدوا أنها قد زنت فلا يعدلوا فلا حد عليها لأن زناها لم يثبت إلا بشهادة الفساق و لا حد عليهم لأن الفاسق من أهل الشهادة .
ألا ترى أن الله تعالى أمر بالتوقيف في بيانه فقد وجد إتيان أربعة شهداء فكيف يجب عليهم الحد و لا لعان على الزوج لأنه شاهد و ليس بقاذف فإن شهدوا معه ثلاثة عمي حد و حدوا أي يلاعن الزوج و يحدون حد القذف لأن العميان لا شهادة لهم قطعا فلم يكن قولهم حجة أصلا فكانوا قذفة فيحدون حد القذف و يلاعن الزوج لأن قذف الزوج يوجب اللعان إذا لم يأت بأربعة شهداء و لم يأت بهم