استحقاق الأجرة .
و أما استحقاق الأجرة فلأن الداخل تحت العقد الإرضاع مطلقا و قد وجد و للمسترضع أن يستأجر ظئرا آخر لقوله عز و جل { وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف } نفى الجناح عن المسترضع مطلقا فإن أرضعته الأخرى فلها الأجر أيضا فإن استأجرت الظئر ظئرا أخرى فأرضعته أو دفعت الصبي إلى جاريتها فأرضعته فلها الأجر استحسانا و القياس أن لا يكون لها الأجر .
وجه القياس : أن العقد وقع على عملها فلا تستحق الأجر بعمل غيرها كمن استأجر أجيرا ليعمل بنفسه فأمر غيره فعمل لم يستحق الأجرة فكذا هذا .
وجه الاستحسان : إن إرضاعها قد يكون بنفسها و قد يكون بغيرها لأن الإنسان تارة يعمل بنفسه و تارة بغيره و لأن الثانية لما عملت بأمر الأولى وقع عملها للأولى فصار كأنها عملت بنفسها هذا إذا أطلق فأما إذا قيد ذلك بنفسها ليس لها أن تسترضع أخرى لأن العقد أوجب الإرضاع بنفسها .
فإن استأجرت أخرى فأرضعته لا تستحق الأجر كما قلنا في الإجارة على الأعمال و ليس للمسترضع أن يحبس الظئر في منزله إذا لم يشترط ذلك عليها و لها أن تأخذ الصبي إلى منزلها لأن المكان لم يدخل تحت العقد و ليس على الظئر طعام الصبي ودواؤه لأن ذلك لم يدخل في العقد و ما ذكره في الأصل أن على الظئر ما يعالج به الصبيان من الريحان و الدهن فذلك محمول على العادة .
و قد قالوا في توابع العقود التي لا ذكر لها في العقود إنها تحمل على عادة كل بلد حتى قالوا فيمن استأجر رجلا يضرب له لبنا : إن الزنبيل و الملبن على صاحب اللبن و هذا على عادتهم .
و قالوا فيمن استأجر على حفر قبر : إن حثي التراب عليه إن كان أهل تلك البلاد يتعاملون به و تشريج اللبن على اللبان و إخراج الخبز من التنور على الخباز لأن ذلك من تمام العمل .
و قالوا في الخياط : أن السلوك عليه لأن عادتهم جرت بذلك و قالوا في الدقيق الذي يصلح به الحائك الثوب إنه على صاحب الثوب فإن كان أهل بلد تعاملوا بخلاف ذلك فهو على ما يتعاملون .
و قالوا في الطباخ إذا استؤجر في عرس : إن إخراج المرق عليه و لو طبخ قدرا خاصة ففرغ منها فله الأجر و ليس عليه من إخراج المرق شيء و هو مبني على العادة يختلف باختلاف العادة .
و قالوا : فيمن تكارى دابة يحمل عليها حنطة إلى منزله فلما انتهى إليه أراد صاحب الحنطة أن يحمل المكاري ذلك فيدخله منزله و أبى المكاري قالوا : قال أبو حنيفة عليه ما يفعله الناس و يتعاملون عليه و عن أراد أن يصعد بها إلى السطح و الغرفة فليس عليه ذلك إلا أن يكون اشترطه و لو كان حمالا على ظهره فعليه إدخال ذلك و ليس عليه أن يصعد به إلى علو البيت إلا أن يشترطه و إذا تكارى دابة فالإكاف على صاحب الدابة فأما الحبال و الجوالق فعلى ما تعارفه أهل الصنعة و كذلك اللجام و أما السرج فعلى رب الدابة إلا أن تكون سنة البلد بخلاف ذلك فيكون على سنتهم و على هذا مسائل : .
لو التقط رجل لقيطا فاستأجر له ظئرا فالأجرة عليه و هو متطوع في ذلك أما لزوم الأجرة إياه فلأنه التزم بذلك فيلزمه و أما كونه متطوعافيه فلأنه لا ولاية له على اللقيط فلا يملك إيجاب الدين في ذمته و رضاعه على بيت المال لأن ميراثه لبيت المال