الاستصناع و صورته .
أما صورة الاستصناع فهي أن يقول إنسان لصانع من خفاف أو صفار أو غيرهما : اعمل لي خفا أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمن كذا و يبين نوع ما يعمل و قدره و صفته فيقول الصانع نعم .
و أما معناه فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم : هو مواعدة و ليس ببيع و قال بعضهم : هو بيع لكن للمشتري فيه خيار و هو الصحيح بدليل أن محمدا C ذكر في جوازه القياس و الاستحسان و ذلك لا يكون في العدات و كذا أثبت فيه خيار الرؤية و أنه يختص بالبياعات و كذا يجري فيه التقاضي و إنما يتقاضى فيه الواجب لا الموعود .
ثم اختلفت عباراتهم عن هذا النوع من البيع قال بعضهم : هو عقد على مبيع في الذمة و قال بعضهم هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل .
وجه القول الأول : أن الصانع لو أحضر عينا كان عملها قبل العقد و رضي به المستصنع لجاز و لو كان شرط العمل من نفس العقد لما جاز لأن الشرط يقع على عمل في المستقبل لا في الماضي .
و الصحيح هو القول الأخير لأن الاستصناع طلب الصنع فما لم يشترط فيه العمل لا يكون استصناعا فكان مأخذ الاسم دليلا عليه و لأن العقد على مبيع في الذمة يسمى سلما و هذا العقد يسمى استصناعا و اختلاف الأسامي دليل اختلاف المعاني في الأصل .
و أما إذا أتى الصانع بعين صنعها قبل العقد و رضي به المستصنع فإنما جاز لا بالعقد الأول بل بعقد آخر و هو التعاطي بتراضيهما