فيمن وجد نبيذ التمر .
و إن وجد نبيذ التمر انتقض تيممه عند أبي حنيفة لأنه بمنزلة الماء المطلق عند عدمه عنده .
و عند أبي يوسف : لا ينتقض لأنه لا يراه طهورا أصلا .
و عند محمد يمضي على صلاته ثم يعيدها كما سؤر الحمار هذا كله إذا وجد الماء في الصلاة فأما إذا وجده بعد الفراغ من الصلاة فإن كان بعد خروج الوقت فليس عليه إعادة ما صلى بالتيمم بلا خلاف و إن كان في الوقت فكذلك عند عامة العلماء و قال مالك : يعيد .
وجه قوله : أن الوقت أقيم مقام الأداء شرعا كما في المستحاضة فكان الوجود في الوقت كالوجود في أثناء الأداء حقيقة و لأن التيمم بدل فإذا قدر على الأصل بطل البدل كالشيخ الفاني إذا فدى أو أحج ثم قدر على الصوم و الحج بنفسه .
و لنا : أن الله تعالى علق جواز التيمم بعدم الماء فإذا صلى حالة العدم فقد أدى الصلاة بطهارة معتبرة شرعا فيحكم بصحتها فلا معنى لوجوب الإعادة .
و روي أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد تيمما من جنابة و صليا و أدركا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر فقال صلى الله عليه و سلم للذي أعاد : [ أما أنت فقد أوتيت أجرك مرتين و قال للآخر : أما أنت فقد أجزأتك صلاتك عنك ] أي كفتك جزى و أجزأ مهموزا بمعنى الكفاية و هذا ينفي وجوب الإعادة و ما ذكر من اعتبار الوجود بعد الفراغ من الصلاة بالوجود في الصلاة غير سديد لأنه مخالف للحقيقة من غير ضرورة ألا ترى أن الحدث الحقيقي بعد الفراغ من الصلاة لا يجعل كالموجود في خلال الصلاة كذا هذا .
و أما قوله : أنه قدر على الأصل فنعم لكن بعد حصول المقصود بالبدل و القدرة على الأصل بعد حصول المقصود بالبدل لا تبطل حكم البدل كالمعتدة بالأشهر إذا حاضت بعد انقضاء العدة بالأشهر بخلاف الشيخ الفاني إذا أحج رجلا بماله و فدى عن صومه ثم قدر بنفسه لأن جواز الإحجاج و الفدية معلق باليأس عن الحج بنفسه و الصوم بنفسه فإذا قدر بنفسه ظهر أنه لا يأس فأما جواز التيمم فمعلق بالعجز عن استعمال الماء و العجز كان متحققا عند الصلاة و بوجود الماء بعد ذلك لا يظهر أنه لا عجز فهو الفرق