حكم ذوات الرحم بلا محرم .
و أما النوع السابع : و هو ذوات الرحم بلا محرم فحكمهن حكم الأجنبيات الحرائر لعموم الأمر بغض البصر و النهي عن إبداء زينتهن إلا للمذكورين في محل الاستثناء و ذو الرحم بلا محرم غير مذكور في المستثنى فبقيت منهية عن إبداء الزينة له و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و أما الثاني : و هو ما يحل من ذلك و يحرم للرجل من الرجل لنقول و بالله التوفيق يحل للرجل أن ينظر من الرجل الأجنبي إلى سائر جسده إلا ما بين السرة و الركبة إلا عند الضرورة فلا بأس أن ينظر الرجل من الرجل إلى موضع الختان ليختنه و يداويه بعد الختن .
و كذا إذا كان بوضع العورة من الرجل قرح أو جرح أو وقعت الحاجة إلى مداواة الرجل و لا ينظر إلى الركبة و لا بأس بالنظر إلى السرة فالركبة عورة و السرة ليست بعورة عندنا و عند الشافعي على العكس من ذلك .
و الصحيح قولنا : لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ما تحت السرة عورة ] و الركبة ما تحتها فكانت عورة إلا أن ما تحت الركبة صار مخصوصا فبقيت الركبة تحت العموم و لأن الركبة عضو مركب من عظم الساق و الفخذ على وجه يتعذر تمييزه و الفخذ من العورة و الساق ليس من العورة فعند الاشتباه يجب العمل بالاحتياط و ذلك فيما قلنا بخلاف السرة لأنه اسم لموضع معلوم لا اشتباه فيه .
و قد روي عن سيدنا عمر Bه أنه كان إذا اتزر أبدى سرته و لو كانت عورة لما احتمل منه كشفها هذا حكم النظر .
و أما حكم المس فلا خلاف في أن المصافحة حلال لقوله عليه السلام : [ تصافحوا تحابوا ] و روي عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ إذا لقي المؤمن أخاه فصافحه تناثرت ذنوبه ] و لأن الناس يتصافحون في سائر الأعصار في العهود و المواثيق فكانت سنة متوارثة و اختلف في القبلة و المعانقة قال أبو حنيفة Bه و محمد C يكره للرجل أن يقبل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه و روي عن أبي يوسف C أنه لا بأس به .
و وجه ما [ روي أنه : لما قدم جعفر بن أبي طالب Bه من الحبشة عانقه سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و قبل بين عينيه ] و أدنى درجات فعل النبي الحل و كذا روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : كانوا إذا رجعوا من أسفارهم كان يقبل بعضهم بعضا و يعانق بعضهم بعضا .
و احتجا بما [ روي أنه سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقيل : أيقبل بعضنا بعضا فقال : لا فقيل : أيعانق بعضنا بعضا فقال عليه الصلاة و السلام : لا فقيل أيصافح بعضنا بعضا فقال عليه الصلاة و السلام : نعم ] .
و ذكر الشيخ أبو منصور C أن المعانقة إنما تكره إذا كانت شبيهة بما وضعت للشهوة في حالة التجرد فأما إذا قصد بها المبرة و الإكرام فلا تكره و كذا التقبيل الموضوع لقضاء الوطر و الشهوة هو المحرم فإذا زال عن تلك الحالة أبيح و على هذا الوجه الذي ذكره الشيخ يحصل الحديث الذي احتج به أبو يوسف C و الله أعلم بالصواب .
و أما الثالث : وهو بيان ما يحل من ذلك و ما يحرم للمرأة من المرأة فكل ما يحل للرجل أن ينظر إليه من الرجل يحل للمرأة أن تنظر إليه من المرأة و كل ما يحل له لا يحل لها فتنظر المرأة من المرأة إلى سائر جسدها إلا ما بين السرة و الركبة لأنه ليس في نظر المرأة إلى المرأة خوف الشهوة و الوقوع في الفتنة كما ليس ذلك في نظر الرجل إلى الرجل حتى لو خافت ذلك تجتنب عن النظر كما في الرجل و لا يجوز لها أن تنظر ما بين سرتها إلى الركبة إلا عند الضرورة بأن كانت قابلة فلا بأس لها أن تنظر إلى الفرج عند الولادة وكذا لا بأس أن تنظر إليه لمعرفة البكارة في امرأة العنين و الجارية المشتراة على شرط البكارة إذا اختصما .
و كذا إذا كان بها جرح أو قرح في موضع لا يحل للرجال النظر إليه فلا بأس أن تداويها إذا علمت المداواة فإن لم تعلم تعلم ثم تداويها فإن لم توجد امرأة تعلم المداواة و لا امرأة تتعلم و خيف عليها الهلاك أو بلاء أو وجع لا تحتمله يداويها الرجل لكان لا يكشف منها إلا موضع الجرح و بغض بصره ما استطاع لأن الحرمات الشرعية جاز أن يسقط اعتبارها شرعا لمكان الضرورة كحرمة الميتة و شرب الخمر حالة المخمضة و الإكراه لكن الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة لأن علة ثبوتها الضرورة و الحكم لا يزيد على قدر العلة هو الذي ذكرنا حكم النظر و المس