ما يرجع إلى نفاذ الملكية أو الولاية .
أحدهما : الملك أو الولاية أما الملك فهو أن يكون المبيع مملوكا للبائع فلا ينفذ بيع الفضولي لانعدام الملك و الولاية لكنه ينعقد موقوفا على إجازة المالك و عند الشافعي C هو شرط الانعقاد أيضا حتى لا ينعقد بدونه و أصل هذا أن تصرفات الفضولي التي لها مجيز حالة العقد منعقدة موقوفة على إجازة المجيز من البيع و الإجارة و النكاح و الطلاق و نحوها فإن أجاز ينفذ و إلا فيبطل و عند الشافعي C تصرفاته باطلة .
وجه قول الشافعي C : أن صحة التصرفات الشرعية بالملك أو بالولاية و لم يوجد أحدهما فلا تصح و هذا لأن صحة التصرف الشرعي هو اعتباره في حق الحكم الذي وضع له شرعا لا يعقل للصحة معنى سوى هذا .
فأما الكلام الذي لا حكم له لا يكون صحيحا شرعا و الحكم الذي وضع له البيع شرعا هو الملك لا يثبت حال وجوده لعدم شرطه و هو الملك أو الولاية فلم يصح و لهذا لم يصح شراؤه فكذا بيعه .
ولنا : عمومات البيع من نحو قوله تبارك و تعالى : { وأحل الله البيع } و قوله عز شأنه : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } و قوله سبحانه و تعالى : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } شرع سبحانه و تعالى البيع و الشراء و التجارة و ابتغاء الفضل من غير فصل بين ما إذا وجد من المالك بطريق الأصالة و بين ما إذا وجد من الوكيل في الابتداء أو بين ما إذا وجدت الإجازة من المالك في الانتهاء و بين وجود الرضا في التجارة عند العقد أو بعده فيجب العمل بإطلاقها إلا ما خص بدليل .
و [ روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه دفع دينارا إلى حكيم بن حزام Bه و أمره أن يشتري له أضحية فاشتري شاتين ثم باع إحداهما بدينار و جاء بدينار و شاة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فدعا له بالبركة و قال عليه الصلاة و السلام : بارك الله في صفقة يمينك ] .
و معلوم أنه لم يكن حكيم مأمورا ببيع الشاة فلو لم ينعقد تصرفه لما باع و لما دعا له رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخير و البركة على ما فعل و لا أنكر عليه لأن الباطل ينكر و لأن تصرف العاقل محمول على الوجه الأحسن ما أمكن و قد أمكن حمله على الأحسن ههنا و قد قصد البر به و الإحسان إليه بالإعانة على ما هو خير للمالك في زعمه لعلمه بحاجته إلى ذلك لكن لم يتبين إلى هذه الحالة لموانع و قد يغلب على ظنه زوال المانع فأقدم عليه نظرا لصديقه و إحسانا إليه لبيان المحمدة و الثناء لتحمل مؤونة مباشرة التصرف الذي هو محتاج إليه و الثواب من الله عز و جل بالإعانة على البر و الإحسان .
قال الله تبارك و تعالى : { وتعاونوا على البر و التقوى } وقال تعالى جل شأنه : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } إلا أن في هذه التصرفات ضررا في الجملة لأن للناس رغائب في الأعيان و قد يقدم الرجل على شيء ظهرت له الحاجة عنه بإزالته عن ملكه لحصول غرضه بدون ذلك و نحو ذلك فيتوقف على إجازة المالك حتى لو كان الأمر على ما ظنه مباشر التصرف إجازة و حصل له النفع من جهته فينال الثواب و الثناء و إلا فلا يجيزه و يثني عليه بقصد الإحسان و إيصال النفع إليه فلا يجوز القول بإهدار هذا التصرف و إلحاق كلامه و قصده بكلام المجانين و قصدهم مع ندب الله عز و جل إلى ذلك وحثه عليه لما تلونا من الآيات و قوله صحة التصرف عبارة من اعتباره في حق الحكم .
قلنا : نعم و عندنا هذا التصرف مفيد في الجملة و هو ثبوت الملك فيما يتضرر المالك بزواله موقوفا على الإجازة أما من كل وجه أو من وجه لكن لا يظهر شيء من ذلك عند العقد و إنما يظهر عند الإجازة و هو تفسير التوقف عندنا أن يتوقف في الجواب في الحال أنه صحيح في حق الحكم أم لا و لا يقطع القول به للحال لكن يقطع القول بصحته عند الإجازة و هذا جائز و له نظائر في الشرع و هو البيع بشرط الخيار للبائع أو المشتري على ما عرف .
و أما شراء الفضولي ففيه تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه ثم الإجازة إنما تلحق تصرف الفضولي عندنا بشرائط