فصل : في ترتيب الولاية .
فصل : و أما ترتيب الولاية فأولى الأولياء الأب ثم وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم وصي وصيه ثم القاضي ثم من نصبه القاضي و هو وصي القاضي و إنما تثبت الولاية على هذا الترتيب لأن الولاية على الصغار باعتبار النظر لهم لعجزهم عن التصرف بأنفسهم و النظر على هذا الترتيب لأن ذلك مبني على الشفقة و شفقة الأب فوق شفقة الكل و شفقة وصيه فوق شفقة الجد لأنه مرضي الأب و مختاره فكان خلف الأب في الشفقة و خلف الشيء قائم مقامه كأنه هو و شفقة الجد فوق شفقة القاضي لأن شفقته تنشأ عن القرابة و القاضي أجنبي و لا شك أن شفقة القريب على قريبه فوق شفقة الأجنبي .
و كذا شفقة وصيه لأنه مرضي الجد و خلفه فكان شفقته مثل شفقته و إذا كان ما جعل له الولاية على هذا الترتيب كانت الولاية على هذا الترتيب ضرورة لأن ترتيب الحكم على حسب ترتيب العلة و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و ليس لمن سوى هؤلاء من الأم و الأخ و العم و غيرهم ولاية التصرف على الصغير في ماله لأن الأخ و العم قاصرا الشفقة و في التصرفات تجري جنايات لا يهتم لها إلا ذو الشفقة الوافرة و الأم و إن كانت لها و فور الشفقة لكن ليس لها كمال الرأي لقصور عقل النساء عادة فلا تثبت لهن ولاية التصرف في المال و لا لوصيهن لأن الوصي خلف الموصي قائم مقامه فلا يثبت له إلا قدر ما كان للموصي و هو قضاء الدين و الحفظ لكن عند عدم هؤلاء و لوصي الأم و الأخ أن يبيع المنقول و العقار لقضاء دين الميت و الباقي ميراث للصغير ثم ينظر إن كان واحد ممن ذكرنا حيا حاضرا فليس له ولاية التصرف أصلا في ميراث الصغير لأن الموصي لو كان حيا لا يملكه في حال حياته فكذا الوصي و إن لم يكن فله ولاية الحفظ لا غير إلا أنه يبيع المنقول لما أن بيع المنقول من باب الحفظ لأن حفظ الثمن أيسر و ليس له أن يبيع العقار لاستغنائه عن الحفظ لكونه محفوظا بنفسه .
و كذا لا يبيع الدراهم و الدنانير لأنها محفوظة و ليس له أن يشتري شيئا على سبيل التجارة و له أن يشتري ما لا بد منه للصغير من طعامه و كسوته و ما استفاد الصغير من المال من جهة أخرى سوى الإرث بأن وهب له شيء أو أوصى له به فليس له ولاية التصرف فيه أصلا عقارا كان أو منقولا لأنه لم يكن للموصي عليه ولاية فكذا الوصي .
و أما وصي المكاتب فله أن يبيع المنقول و العقار لقضاء دين المكاتب و لقضاء دين الكتابة لأن المكاتب كان يملكه بنفسه فكذا وصيه و ما فضل من كسبه يكون ميراثا لورثته .
أما الأحرار منهم فلا شك و كذا الولد المولود في الكتابة و من كوتب معه لأنه عتق في آخر جزء من أجزاء حياته بعتق أبيه و إذا صار الفاضل من كسبه ميراثا لورثته فهل يملك التصرف في مالهم ذكر في الزيادات أنه لا يملك إلا الحفظ بمنزلة وصي الأم و الأخ و العم و في كتاب القسمة ألحقه بوصي الأب فإنه أجاز قسمته في العقارات و القسمة في معنى البيع فمن قسمته يجوز بيعه فكان فيه روايتان .
و هذا إذا مات قبل أداء بدل الكتابة فأما إذا أدى بدل الكتاب في حال حياته و عتق ثم مات كان وصيه كوصي الحر بلا خلاف .
و الثاني : أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع فإن كان لا ينعقد كالمرهون و المستأجر لأن فيه إبطال حق المرتهن و المستأجر و هذا لا يجوز .
و قد اختلفت عبارات الكتب في هذه المسألة في بعضها أن البيع فاسد و في بعضها أنه موقوف و هو الصحيح لأن ركن البيع صدر من أهله مضافا إلى مال متقوم مملوك له مقدور التسليم من غير ضرر يلزمه .
و الدليل على أنه مقدور التسليم أنه يمكنه أن يفتك الرهن بقضاء الدين فيسلمه إلى المدين و كذا احتمال الإجازة من المرتهن و المستأجر ثابت في البابين جميعا إلا أنه لم ينفذ للحال لتعلق حقهما فتوقف و يمكن التوفيق بين الروايتين بأن يحمل قوله فاسد على أنه لا حكم له ظاهر و هو تفسير الموقوف عندنا فإذا توقف على إجازتهما فإن أجازا جاز و نفذ و هل يملكان المطالبة بالفسخ .
ذكر القدوري C في شرحه و قال : أما المستأجر فلا يملك و أما المرتهن فيجوز أن يقال يملك فرق بينهما من حيث إن حق المستأجر في المنفعة لا في العين إذ الإجارة عقد على المنفعة لا على العين و البيع عقد على العين فلم يكن البيع تصرفا في محل حق المستأجر فلا يثبت له الخيار و حق المرتهن في العين لأنه يستوفي الدين من بدل العين بالبيع عند عدم الفتكاك من الراهن و لهذا لو أجاز البيع كان الثمن رهنا عنده فكان البيع تصرفا في محل حقه فيثبت له الخيار و هل يثبت للمشتري خيار الفسخ فإن لم يعلم أنه مرهون أو مؤجر يثبت لأن العقد المطلق يقتضي التسليم للحال و قد فات فيثبت له خيار الفسخ و إن علم فلا خيار له لأنه رضي بالتسليم في الجملة .
و لو باع عبده الذي وجب عليه القود نفذ لأنه لا حق لولي القتيل في نفس القاتل و إنما له ولاية استيفاء القصاص و إنها لا تبطل بالبيع فيجوز البيع و لا يصير المولى بالبيع مختارا للفداء سواء علم بالجناية أو لم يعلم لأن حق الولي في القصاص و البيع لا يبطل القصاص .
و كذلك لو أعتقه أو دبره أو كاتب أمة فاستولدها لما قلنا و كذا لو باع عبده الذي هو حلال الدم بالردة لأن الردة توجب إباحة الدم لا غير و البيع لا يبطلها و كذا لو أعتقه أو دبره و كذا لو باع عبده الذي وجب قطع يده بالسرقة أو وجب عليه حد من الحدود كحد الزنا و القذف و الشرب لأن الواجب بهذه الجنايات ولاية استيفاء القطع و الحد و البيع لا يبطلها .
و لو باع عبده الذي وجب دفعه بالجناية يجوز علم المولى بالجناية أو لا و لا سبيل لولي الجناية على العبد و لا على المشتري لأنه لا حق له في نفس العبد و إنما يخاطب المولى بالدفع إلا أن يختار الفداء غير أنه إن كان عالما بالجناية يلزمه أرش الجناية بالغا ما بلغ لأن إقدامه على البيع بعد العلم بالجناية اختيار للفداء إذ لو لم يختر لما باعه لما فيه من إبطال حق ولي الجناية في الدفع و الظاهر أنه لا يرضى به و على تقدير الاختيار كان البيع إبطالا لحقهم إلى بدل و هو الفداء فكان الإقدام على البيع اختيارا للفداء بخلاف ما إذا كان عليه قتل أو قطع بسبب السرقة أو حد لأن البيع لا يوجب بطلان هذه الحقوق فلم يكن الإقدام على البيع اختيارا للفداء فلا تسقط هذه الحقوق بل بقيت على حالها و إن كان عالما بالجناية يلزمه الأقل من قيمته و من أرش الجناية لأنه إذا لم يكن عالما بالجناية كان البيع استهلاكا للعبد من غير اختياره فعليه الأقل من قيمته و من أرش الجناية لأنه ما أتلف على ولي الجناية إلا قدر الأرش إلا إذا كان أقلهما عشرة آلاف درهم فينقص منها عشرة آلاف درهم لأن قيمة قتل العبد خطأ إذا بلغ عشرة آلاف درهم ينقص منها عشرة دراهم .
و كذلك لو أعتقه المولى أو دبره أو كاتب أمة فاستولدها جاز و لا سبيل لولي الجناية على العبد و المدبر و أم الولد غير أنه إن علم بالجناية كان ذلك اختيارا منه للفداء و إن لم يعلم فعليه الأقل من قيمته و من الدين و ما زاد على هذا نذكره في كتاب جنايات العبيد في آخر كتاب الجنايات إن شاء الله تعالى .
فصل : و أما شرائط الصحة فأنواع : .
بعضها يعم البياعات كلها و بعضها يخص البعض دون البعض أما الشرائط العامة : .
فمنها : ما ذكرنا من شرائط الانعقاد و النفاذ لأن ما لا ينعقد و لا ينفذ البيع بدونه لا يصح بدونه ضرورة إذ الصحة أمر زائد على الانعقاد و النفاذ فكل ما كان شرط الانعقاد و النفاذ كان شرط الصحة ضرورة و ليس كل ما يكون شرط الصحة يكون شرط النفاذ و الانعقاد عندنا فإن البيع الفاسد ينعقد و ينفذ عند اتصال القبض به عندنا و إن لم يكن صحيحا .
و منها : أن يكون المبيع معلوما و ثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة فإن كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع و إن كان مجهولا جهالة لا تفضي إلى المنازعة لا يفسد لأن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من التسليم و التسلم فلا يحصل مقصود البيع و إذا لم تكن مفضية إلى المنازعة لا تمنع من ذلك فيحصل المقصود .
و بيانه في مسائل إذا قال : بعتك شاة من هذا القطيع أو ثوبا من هذا العدل فالبيع فاسد لأن الشاة من القطيع و الثوب من العدل مجهول جهالة مفضية إلى المنازعة لتفاحش التفاوت بين شاة و ثوب و ثوب فيوجب فساد البيع فإن عين البائع شاة أو ثوبا و سلمه إليه و رضي به جاز و يكون ذلك ابتداء بيع بالمراضاة و لأن البياعات للتوسل إلى استيفاء النفوس إلى انقضاء آجالها و التنازع يفضي إلى التفاني فيتناقض و لأن الرضا شرط البيع و الرضا لا يتعلق إلا بالمعلوم .
و الكلام في هذا الشرط في موضعين : .
أحدهما : أن العلم بالمبيع و الثمن علما مانعا من المنازعة شرط صحة البيع .
و الثاني : في بيان ما يحصل به العلم بهما .
أما الأول فبيانه في مسائل : و كذا إذا قال : بعتك أحد هذه الأثواب الأربعة بكذا و ذكر خيار التعيين أو سكت عنه أو قال بعتك أحد هذين الثوبين أو أحد هذه الأثواب الثلاثة بكذا و سكت عن الخيار فالبيع فاسد لأن المبيع مجهول و لو ذكر الخيار بأن قال على أنك بالخيار تأخذ أيها شئت بثمن كذا و ترد الباقي فالقياس أن يفسد البيع و في الاستحسان : لا يفسد .
وجه القياس : أن المبيع مجهول لأنه باع أحدهما غير عين و هو غير معلوم فكان المبيع مجهولا فيمنع صحة البيع كما لو باع أحد الأثواب الأربعة و ذكر الخيار .
وجه الاستحسان : الاستدلال بخيار الشرط و الجامع بينهما مساس الحاجة إلى دفع الغبن و كل واحد من الخيارين طريق إلى دفع الغبن و ورود الشرع هناك يكون ورودا ههنا و الحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة لاقتصار الأشياء على الجيد و الوسط و الرديء فيبقى الحكم في الزيادة مردودا إلى أصل القياس و لأن الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم إلى ذلك فإن كل أحد لا يمكنه أن يدخل السوق فيشتري ما يحتاج إليه خصوصا الأكابر و النساء فيحتاج إلى أن يأمر غيره و لا تندفع حاجته بشراء شيء واحد معين من ذلك الجنس لما عسى لا يوافق الآخر فيحتاج إلى أن يشتري أحد اثنين من ذلك الجنس فيحملهما جميعا إلى الآمر فيختار أيهما شاء بالثمن المذكور و يرد الباقي فجوزنا ذلك لتعامل الناس و لا تعامل فيما زاد على الثلاثة فبقي الحكم فيه على أصل القياس .
قوله : المعقود عليه مجهول قلنا : هذا ممنوع فإنه شرط الخيار بأن قال على على أن تأخذ أيهما شئت فقد انعقد البيع موجبا للملك عند اختياره لا للحال و المقعود عليه عند اختياره معلوم مع أن هذه جهالة لا تفضي إلى المنازعة لأنه فوض الأمر إلى اختيار المشتري يأخذ أيهما شاء فلا تقع المنازعة و هل يشترط بيان المدة في هذا الخيار .
اختلف المشايخ فيه لاختلاف ألفاظ محمد في هذه المسألة في الكتب فذكر في الجامع الصغير على أن يأخذ المشتري أيهما شاء و هو فيه بالخيار ثلاثة أيام .
و ذكر في الأصل على أن يأخذ أيهما شاء بألف و لم يذكر الخيار فقال بعضهم : لا يجوز هذا البيع إلا بذكر مدة خيار الشرط و هو ثلاثة أيام فما دونها عند أبي حنيفة C و عندهما الثلاث و ما زاد عليها بعد أن يكون معلوما و هو قول الكرخي و الطحاوي رحمهما الله و قال بعضهم : يصح من غير ذكر المدة .
وجه قول الأولين : أن المبيع لو كان ثوبا واحدا معينا و شرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة بالإجماع فكذا إذا كان واحدا غير معين و الجامع بينهما أن ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار و أنه مفسد للبيع لأن للمشتري أن يردهما جميعا و الثابت بخيار التعيين رد أحدهما و هذا حكم خيار الشرط فلا بد من ذكر مدة معلومة .
وجه قول الآخرين : أن توقيت الخيار في المعين إنما كان شرطا لأن الخيار فيه يمنع ثبوت الحكم للحاجة إلى دفع الغبن بواسطة التأمل فكان في معنى الاستثناء فلا بد من التوقيت ليصح استثناء ذلك في الوقت عن ثبوت حكم البيع فيه و خيار التعيين لا يمنع ثبوت الحكم بل يثبت الحكم في أحدهما غير عين و إنما يمنع تعين المبيع لا غير فلا يشترط له بيان المدة و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و الدليل على التفرقة بينهما أن خيار الشرط لا يورث على أصل أصحابنا و خيار التعيين يورث بالإجماع إلا أن للمشتري أن يردهما جميعا لا حكما لخيار الشرط المعهود ليشترط له بيان المدة بل لأن البيع المضاف إلى أحدهما غير لازم فكان محلا للفسخ كالبيع بشرط خيار معهود على ما نذكر إن شاء الله تعالى .
و على هذا يخرج ما إذا اشترى ثوبين أو عبدين أو دابتين على أن المشتري أو البائع بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام و لم يعين الذي فيه الخيار من الذي لا خيار فيه و لا بين حصة كل واحد منهما من الثمن أن البيع فاسد فيهما جميعا لجهالة المبيع و الثمن .
أما جهالة المبيع فلأن العقد في أحدهما بات و في الآخر خيار و لم يعين أحدهما من الآخر فكان المبيع مجهولا و أما جهالة الثمن فلأنه إذا لم يسم لكل واحد منهما ثمنا فلا يعرف ذلك إلا بالحرز و الظن فكان الثمن مجهولا و المبيع مجهولا و جهالة أحدهما تمنع صحة البيع فجهالتهما أولى .
و كذا إذا عين الذي فيه الخيار لكن لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن لأن الثمن مجهول و كذا إذا بين ثمن كل واحد منهما لكن لم يعين الذي فيه الخيار من صاحبه لأن المبيع مجهول و لو عين و بين جاز البيع فيهما جميعا لأن المبيع و الثمن معلومان و يكون البيع في أحدهما باتا من غير خيار و في الآخر فيه خيار لأنه هكذا فعل فإذا أجاز من له الخيار البيع فيما له فيه الخيار أو مات أو مضت مدة الخيار من غير فسخ حتى تم البيع و لزم المشتري ثمنهما ليس له أن يأخذ أحدهما أو كلاهما ما لم ينقد ثمنهما جميعا لأن الخيار لما سقط و لزم العقد صار كأنه اشتراهما جميعا شراء باتا و لو كان كذلك كان الأمر على ما وصفنا فكذا هذا .
و لو اشترى ثوبا واحدا أو دابة واحدة بثمن معلوم على ان المشتري أو البائع بالخيار في نصفه و نصفه بات جاز البيع لأن النصف معلوم و ثمنه معلوم أيضا و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و لو باع عددا من جملة المعدودات المتفاوتة كالبطيخ و الرمان بدرهم و الجملة أكثر مما سمى فالبيع فاسد لجهالة المبيع جهالة مفضية إلى المنازعة فإن عزل ذلك القدر من الجملة بعد ذلك أو تراضيا عليه فهو جائز لأن ذلك البيع بيع مبتدأ بطريق التعاطي و إليه أشار في الكتاب فقال : و إنما وقع البيع على هذا المعزول حين تراضيا و هذا نص على جواز البيع بالمراوضة .
و لو قال : بعت هذا العبد بقيمته فالبيع فاسد لأنه جعل ثمنه قيمته و إنها تختلف باختلاف تقويم المقومين فكان الثمن مجهولا و كذلك إذا اشترى من هذا اللحم ثلاثة أرطال بدرهم و لم يبين الموضع فالبيع فاسد وكذلك إذا بين الموضع بأن قال زن لي من هذا الجنب رطلا بكذا أو من هذا الفخذ على قياس قول أبي حنيفة في السلم و على قياس قولهما يجوز .
و كذا روي عن محمد C أنه يجوز و كذا إذا باع بحكم المشتري أو بحكم فلان لأنه لا يدري بماذا يحكم فلان فكان الثمن مجهولا و كذا إذا قال : بعتك هذا بقفيز حنطة أو بقفيزي شعير لأن الثمن مجهول و قيل : هو البيعان في بيع .
و قد روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ نهى عن بيعين في بيع ] و كذا إذا قال : بعتك هذا العبد بألف درهم إلى سنة أو بألف و خمسمائة إلى سنتين لأن الثمن مجهول و قيل : هو الشرطان في بيع .
و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ نهى عن شرطين في بيع ] و لو باع شيئا بربح ده بازده و لم يعلم المشتري رأس ماله فالبيع فاسد حتى يعلم فيختار أو يدع هكذا روى ابن رستم عن محمد لأنه إذا لم يعلم رأس ماله كان ثمنه مجهولا و جهالة الثمن تمنع صحة البيع فإذا علم و رضي به جاز البيع لأن المانع من الجواز هو الجهالة عند العقد و قد زالت في المجلس و له حكم حالة العقد فصار كأنه كان معلوما عند العقد و إن لم يعلم به حتى إذا افترقا تقرر الفساد .
و لو هلك المبيع قبل العلم بعد القبض فعليه قيمته لأن هذا حكم البيع الفاسد و قد تقرر الفساد بالهلاك لأن بالهلاك خرج البيع عن احتمال الإجازة و الرضا لأن الإجازة إنما تلحق القائم دون الهالك فتقرر الفساد فلزمته القيمة .
و روى ابن شجاع عن محمد : أن البيع جائز و معناه أنه موقوف على الإجازة و إليه أشار أبو يوسف C فإنه قال : صح و هذه أمارة البيع الموقوف فإن مات البائع قبل أن يرضى المشتري و قد قبض أو لم يقبض انتقض البيع و لو كان المبيع عبدا فقبضه ثم أعتقه أو باعه أو مات قبل العلم جاز العتق و البيع و عليه قيمته لوجود الهلاك حقيقة بالموت و بالإعتاق في المبيع فخرج البيع عن احتمال الإجازة فتأكد الفساد فيلزمه القيمة .
و لو أعتقه بعدما علم برأس المال فعليه الثمن لأن إقدامه على الإعتاق دليل الإجازة و لو عتق بالقرابة قبل العلم بالثمن بعد القبض فعليه قيمته لأنه لا صنع له في القرابة فلم يوجد دليل الإجازة فكان العتق بها بمنزلة هلاك العبد قبل العلم و هناك تجب القيمة كذا ههنا