التأجيل في العقد .
و وجه الفرق : أن التأجيل في العقد جعل الأجل شرطا في العقد و جهالة الأجل المشروط في العقد و إن كانت متقاربة توجب فساد العقد لنها تفضي إلى المنازعة فأما التأخير إلى الاجال المجهولة جهالة متقاربة فلا تفضي إلى المنازعة لأن الناس يؤخرون الديون إلى هذه الآجال عادة و مبنى التأخير على المسامحة فالظاهر أنهم يسامحون و لا ينازعون و ما جرت العادة منهم بالتأخير إلى آجال تفحش جهالتها بخلاف التأجيل لأن ما جعل شرطا في البيع مبناه على المضايقة فالجهالة فيها و إن قلت تفضي إلى المنازعة و لهذا لا يجوز البيع إلى الآجال المتقاربة و جازت الكفالة إليها لأن مبنى الكفالة على المسامحة فإن المكفول له لا يضيق المر على الكفيل عادة لأن له سبيل الوصول إلى الدين من جهة الأصيل .
فالتأجيل إليها لا يفضي إلى المنازعة بخلاف البيع فإن الجهالة في باب البيع مفضية إلى المنازعة فكانت مفسدة للبيع .
و لو اشترى عينا بثمن دين على أن يسلم إليه الثمن في مصر آخر فهذا لا يخلو إما أن يكون الثمن مما لا حمل له و لا مؤونة و إما أن يكون مما له حمل و مؤونة و على كل ذلك لا يخلو من ان ضرب له الأجل أو لم يضرب فإن لم يضرب له الجل فالبيع فاسد سواء كان الثمن له حمل و مؤونة أو لم يكن لأنه إذا لم يضرب له الأجل كان شرط التسليم في موضع على سبيل التأجيل و أنه أجل مجهول فيوجب فساد العقد .
و روي عن أبي يوسف C أن الثمن إذا كان لا حمل له و لا مؤونة فالبيع جائز لأن شرط التأجيل في مكان آخر ليس بتأجيل حقيقة بل هو تخصيص التسليم بمكان آخر فيجوز البيع و يجبر المشتري على تسليم الثمن في أي موضع طالبه .
و إن ضرب له أجلا على أن يسلم إليه الثمن بعد محل الأجل في مصر آخر فإن كان الأجل مقدار ما لا يمكن الوصول إلى الموضع المشروط في قدر تلك المدة فالبيع فاسد أيضا لأنه إذا كان لا يمكن الوصول فيه إلى الموضع المشروط صار كأن لم يضرب و إن كان ضرب أجلا يمكن الوصول فيه إلى المكان المشروط فالبيع صحيح و التأجيل صحيح لأنه إذا ضرب له أجلا يمكن الوصول فيه إلى ذلك المكان علم أن شرط التسليم في ذلك المكان لم يكن على سبيل التأجيل بل على تخصيص ذلك المكان بالتسليم فيه فإذا حل الأجل و طالبه البائع بالثمن في غير المكان المشروط ينظر إن كان الثمن مما ليس له حمل و لا مؤونة يجبر المشتري على تسليمه في أي موضع طالبه البائع بعد حل الأجل و إن كان الثمن له حمل و مؤونة لا يجبر على تسليمه إلا في الموضع المشروط .
و كذلك لو أراد المشتري أن يسلمه في غير المكان المشروط و أبى البائع ذلك إلا في الموضع المشروط فهو على هذا التفصيل و لو كان الثمن عينا فشرط تسليمه في مصر آخر فالبيع فاسد سواء شرط الأجل أو لم يشرط لأن فيه غررا و الله سبحانه و تعالى أعلم