بيع السيف المحلى بالفضة .
و كذا إذا باع سيفا محلى بالفضة مفردة أو منطقة مفضضة أو لجاما أو سرجا أو سكينا مفضضة أو جارية على عنقها طوق فضة بفضة مفردة و الفضة المفردة أكثر حتى جاز البيع كان بحصة الفضة صرفا و يراعى فيه شرائط الصرف و بحصة الزيادة التي هي من خلاف جنسها بيعا مطلقا فلا يشترط له ما يشترط للصرف فإن وجد التقابض و هو القبض من الجانبين قبل التفرق بالأبدان تم الصرف و البيع جميعا و إن لم يوجد أو وجد القبض من أحد الجانبين دون الآخر بطل الصرف لوجود الافتراق من غير قبض و هل يبطل البيع المطلق ينظر إن كانت الفضة المجموعة مع غيرها يمكن فصلها و تخليصها من غير ضرر كالجارية مع الطوق و غير ذلك فالبيع جائز و فساد الصرف لا يتعدى إلى البيع لأنه إذا أمكن تخليصها غير ضرر جاز لأنهما شيآن منفصلان و لهذا جاز بيع أحدهما دون الآخر ابتداء فلأن يبقى جائزا انتهاء أولى لأن البقاء أسهل من الابتداء .
و إن كان لا يمكن فصلها و تخليصها إلا بضرر بطل البيع أيضا لأنه بيع ما لا يمكن تسليمه إلا بضرر و انه لا يجوز ابتداء كبيع الجذع في السقف و نحو ذلك فكذا في حالة البقاء فإذا بطل العقد في قدر الصرف يبطل في البيع أيضا و الله عز و جل أعلم .
هذا إذا انعقد العقد على الصحة ثم فسد في قدر الصرف بطريان المفسد عليه و هو الافتراق من غير تقابض فأما إذا انعقد على الفساد من الابتداء بأن شرطا الخيار أو أدخلا الأجل فيه لم يصح الصرف بالإجماع و هل يصح البيع المطلق اختلف فيه : قال أبو حنيفة لا يصح سواء كان يتخلص من غير ضرر أو لا يتخلص إلا بضرر و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله : هذا و الأول سواء إن كان يتخلص من غير ضرر يصح و إن كان لا يتخلص إلا بضرر لا يصح .
و كذا إذا اشترى دينارا بعشرة دراهم نسيئة ثم نقد بعض العشرة دون البعض في المجلس فسد الصرف في الكل عنده و عندهما يصح بقدر ما قبض و هذا بناء على أصل مختلف بينهم و هو أن الصفقة إذا اشتملت على الصحيح و الفاسد يتعدى الفساد إلى الكل عنده و عندهما لا يتعدى فهما سويا بين الفساد الطارىء و المقارن و أبو حنيفة فرق بينهما .
و وجه الفرق : ما ذكرنا من قبل أن الفساد إذا كان مقارنا يصير قبول العقد في الفاسد شرط قبول العقد في الآخر و هذا شرط فاسد فيؤثر في الكل و لم يوجد هذا المعنى في الطارىء فاقتصر الفساد فيه على قدر المفسد ثم إذا كانت الفضة المفردة فيه أكثر و لم يوجد فيه شرط الخيار و لا الأجل حتى جاز العقد ثم نقد قدر الفضة المجموعة من المفردة دون غيرها و تفرقا عن قبض من الجانبين بأن باع سيفا محلا بمائة درهم و حليته خمسون فنقده المشتري خمسين فالقدر المنقود من الفضة المفردة يقع عن الصرف حتى لا يبطل بالافتراق أو عن البيع حتى يبطل الصرف بالافتراق من غير قبض فهذا لا يخلو من خمسة أوجه : أما إن ذكر أن المنقود من ثمن الحلية و إما إن ذكر أنه من ثمن الجفن و النصل و إما إن ذكر أنه من ثمنها جميعا و إما إن ذكر أنه من ثمن السيف و إما إن سكت و لم يذكر شيئا فإن ذكر أنه من ثمن الحلية يقع عنها و يجوز الصرف و البيع جميعا و هذا ظاهر .
و كذا إذا ذكر أنه من ثمنهما فإنه يقع عن الحلية أيضا و جاز البيع و الصرف لأن قبض الصرف مستحق حقا للشرع و قبض البيع ليس بمستحق فيصرف إلى جهة الاستحقاق و يمكن إيقاع المنقود كله عن هذه الجهة و إن أضافه إليهما لأن ذكر شيئين على إرادة أحدهما جائز في اللغة قال الله تعالى : { يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان } و إنما يخرج من أحدهما و هو المالح و كذا إذا لم يذكر شيئا يقع الصرف لأن أمور المسلمين محمولة على الصحة و السداد ما امكن و ذلك فيما قلنا لأن قبض حصة الحلية مستحق فعند الإطلاق يصرف إلى جهة الاستحقاق .
و كذا إذا ذكر أنه من ثمن السيف يقع عن الحلية لأن الحلية تدخل في اسم السيف و إن ذكر أنه من ثمن الجفن و النصل ينظر إن أمكن تخليص الفضة من غيرها من غير ضرر يقع عن ثمن المذكور و يبطل الصرف بالافتراق قبل القبض لأنه قصد جواز البيع و صرف بفساد الصرف و إذا أمكن تخليصها من غير ضرر أمكن القول بجواز البيع مع فساد الصرف .
ألا ترى أنه يجوز بيع السيف بانفراده فيجوز البيع و يبطل الصرف و إن لم يكن تخليصها إلا بضرر فالمنقود يقع عن ثمن الصرف و يجوز البيع و الصرف جميعا لأنه قصد جواز البيع و لا يجوز إلا بجواز الصرف لأن بيع السيف بدون الحلية لا يجوز إذا لم يمكن تخليصها من غير ضرر فإن أمكن تخليصها من غير ضرر فيجوزان جميعا و الله عز و جل أعلم .
و كذلك في السيف المحلى إذا لم يكن من جنس الحلية فإن كانت حلية السيف ذهبا اشتراه مع حليته بفضة مفردة فحكمه و حكم الجنس سواء في جميع ما وصفنا لأنهما في حكم القبض و ما يتعلق به لا يختلفان و قد ذكرنا جملة ذلك و تفصيله على الاتفاق و الاختلاف .
و على هذا يخرج الإبراء عن بدل الصرف و هبته ممن عليه و التصدق به عليه أنه لا يصح بدون قبوله .
و إن قبل انتفض الصرف و إن لم يقبل لم يصح و يبقى الصرف على حاله لأن قبض البدل مستحق و الإبراء عن الدين إسقاطه و الدين بعدما سقط لا يتصور قبضه فكان الإبراء عن البدل جعل البدل بحال لا يتصور قبضه فكان في معنى الفسخ فلا يصح إلا بتراضيهما كصريح الفسخ و إذا لم يصح بقي عقد الصرف على حاله فيتم بالتقابض قبل الافتراق بأبدانهما و لو ابى المبرىء او الواهب أو المتصدق أن يأخذ ما أبرأ أو وهبه أو تصدق يجبر على القبض لأنه بالامتناع عن القبض يريد فسخ العقد و أحد العاقدين لا ينفرد بالفسخ