بيان ما يصير المشتري به قابضا و ما لا يصير .
و أما بيان ما يصير به المشتري قابضا للمبيع من التصرفات و ما لا يصير به قابضا فنقول و بالله التوفيق : المبيع لا يخلو إما أن يكون في يد البائع و إما أن يكون في يد المشتري فإن كان في يد البائع فأتلفه المشتري صار قابضا له لأنه صار قابضا بالتخلية فبالإتلاف أولى لأن التخلية تمكين من التصرف في المبيع و الإتلاف تصرف فيه حقيقة و التمكين من التصرف دون حقيقة التصرف .
و كذلك لو قطع يده أو شج رأسه و كل تصرف نقص شيئا لأن هذه الأفعال في الدلالة على التمكين فوق التخلية ثم بالتخلية صار قابضا فيها أولى و كذلك لو فعل البائع شيئا من ذلك بأمر المشتري لأن فعله بأمر المشتري بمنزلة فعل المشتري بنفسه .
و لو أعتقه المشتري يصير قابضا لأن الإعتاق إتلاف حكما فيلحق بالإتلاف حقيقة و كذا لو دبره أو استولد الجارية أي أقر أنها أم ولد له لأن التدبير أو الاستيلاد تنقيص حكما فكان ملحقا بالتنقيص حقيقة و لو زوج المبيع بأن كان جارية أو عبدا فالقياس أن يصير قابضا و هو رواية عن أبي يوسف و في الاستحسان لا يصير قابضا .
وجه القياس : أن التزوج تعييب ألا ترى أن الزوجية عيب يرد بها و إذا كانت الزوجية عيبا كان التزوج تعييبا و التعييب قبض .
وجه الاستحسان : أنه تعييب حكما لا حقيقة لأنه لا يوجب نقصان المحل و لا نقصان الملك فيه فلا يصير به قابضا و كذا لو أقر عليه بالدين فالقياس أن يصير قابضا لأن الدين عيب حتى يرد به و في الاستحسان لا يصير قابضا لأنه تعييب حكمي و أنه لا يوجب النقصان فلا يكون قبضا .
و لو وطئها الزوج في يد البائع صار المشتري قابضا لأن الوطء إثبات اليد على الموطوءة و أنه حصل من الزوج بتسليط المشتري فكان من حيث إنه إثبات اليد مضافا إلى المشتري فكان قابضا من المشتري .
و لو أعار المشتري المبيع للبايع أو أودعه أو آجره لم يكن شيء من ذلك قبضا لأن هذه التصرفات لم تصح من المشتري لأن يد الحبس بطريق الأصالة ثابتة للبايع فلا يتصور إثبات يد النيابة له بهذه التصرفات فلم تصح و التحقت بالعدم و لو أعاره أو أودعه أجنبيا صار قابضا لأن الإعارة و الإيداع إياه صحيح فقد أثبتت يد النيابة لغيره فصار قابضا .
و لو أرسل المشتري العبد المبيع إلى حاجة صار قابضا لأن إرساله في الحاجة استعمال له بدليل أنه صار راضيا به و استعماله إياه إثبات يده عليه و هو معنى القبض