حكم زوائد البيع .
ثم ما ذكرنا من الحكم الأصلي للبيع و ما يجري مجرى التوابع للحكم الأصلي كما يثبت في المبيع يثبت في زوائد المبيع عندنا .
و عند الشافعي C : لا يثبت شيء من ذلك في الزوائد و الكلام فيه مبني على أصل و هو أن زوائد المبيع مبيعة عندنا سواء كانت منفصلة أو متصلة متولدة من الأصل أو غير متولدة منه إلا الهبة و الصدقة و لكسب و عنده ليست بمبيعة أصلا و إنما تملك بملك الأصل لا بالبيع السابق .
وجه قول الشافعي C في إثبات هذا الأصل : أن المبيع ما أضيف إليه البيع و لم توجد الإضافة إلى الزوائد لكونها منعدمة عند البيع فلا تكون مبيعة و لهذا لم يكن الكسب مبيعا و لأن المبيع ما يقابله ثمن إذ البيع مقابلة المبيع بالثمن و الزيادة لا يقابلها ثمن لأن كل الثمن مقابل بالأصل فلم تكن مبيعة كالكسب و لهذا لم تجز الزيادة عنده في المبيع و الثمن .
و لنا : أن المبيع ما يثبت فيه الحكم الأصلي للبيع و الحكم الأصلي للبيع يثبت في الزوائد بالبيع السابق فكانت مبيعة .
و بيان ذلك : أن الحكم الأصلي للبيع هو الملك و الزوائد مملوكة بلا خلاف و الدليل على أنها مملوكة بالبيع السابق أن البيع السابق أوجب الملك في الأصل و متى ثبت الملك في الأصل ثبت في التبع فكان ملك الزيادة بواسطة ملك الأصل مضافا إلى البيع السابق فكانت الزيادة مبيعة و لكن تبعا لثبوت الحكم الأصلي فيها تبعا .
و على هذا الأصل مسائل بيننا و بين الشافعي C .
منها : أن للبائع حق حبس الزوائد لاستيفاء الثمن كما له حق حبس الأصل عندنا و عنده ليس له أن يحبس الزوائد .
و منها : أن البائع إذا أتلف الزيادة سقطت حصتها من الثمن عن المشتري عندنا كما لو أتلف جزء من المبيع و عنده لا يسقط شيء من الثمن و عليه ضمانها كما لو أتلفها أجنبي و لا خيار للمشتري عند أبي حنيفة و عندهما يثبت على ما مر و كذا إذا أتلف الأرش أو العقر فبل القبض عندنا لأنه بدل الجزء الفائت فكان حكمه حكم الجزء .
و لو هلكت الزيادة بآفة سماوية لا يسقط شيء من الثمن بالإجماع و إن كانت مبيعة عندنا لأنها مبيعة لأنها مبيعة تبعا بمنزلة أطراف الأم لا مقصود و الأطراف كالأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن إلا أن تصير مقصودة بالفعل من القبض أو الجناية و لم يوجد و لا خيار للمشتري لأن الصفقة لم تتفرق عليه لأن العقد ما أضيف إليها و إنما يثبت حكم العقد فيها تبعا فلا يثبت الخيار إلا في ولد الجارية إذا هلك قبل القبض بآفة سماوية فإنه ثبت الخيار للمشتري لا لهلاك الزيادة بل لحدوث نقصان في الأم بسبب الولادة و كذا لا خيار بحدوث زيادة ما قبل القبض إلا في ولد الجارية لأجل نقصان الأم بالولادة لا لحدوث الزيادة .
و منها أن المشتري إذا قبض الزوائد يصير لها حصة من الثمن بالقبض عندنا فيقسم الثمن على قيمة الأصل يوم العقد و على قيمة الزيادة يوم القبض حتى لو اطلع المشتري على عيب بالأصل فإنه يرده بحصته من الثمن لا بجميع الثمن عندنا و عنده لا حصة للزيادة من الثمن بحال و عند ظهور العيب بالأصل يرد بكل الثمن و لا يكون بإزاء الزيادة شيء و كذا إذا وجد بالزيادة عيبا يردها بحصتها من الثمن و عنده لا يردها بالعيب أصلا .
و كذا المشتري إذا أتلف الزيادة قبل القبض يصير لها حصة من الثمن عندنا لأنه صار قابضا به بالإتلاف و بالقبض يصير لها حصة من الثمن على ما ذكرنا و عنده لا حصة لها من الثمن بحال و لو هلك و بقيت الزيادة يبقى العقد في قدر الزيادة عندنا و يصير لها حصة من الثمن فينقسم الثمن على الصل يوم العقد و على الزيادة يو الهلاك فيبطل ملك الثمن بقدر قيمة الأصل و يبقى بحصة الزيادة بخلاف ما إذا هلك قبل حدوث الزيادة حيث ينفسخ العقد أصلا و رأسا و يسقط كل الثمن لأن هناك لا فائدة في بقاء العقد إذ لو بقي لطلب البائع من المشتري الثمن فيطلب المشتري منه تسليم المبيع و لا يمكنه تسليمه فينفسخ ضرورة لانعدام فائدة البقاء و إذا بقيت الزيادة كان في بقاء العقد في الزيادة فائدة لإمكان تسليمها فبقي العقد فيها و صار لها حصة من الثمن فينقسم على الأصل و الزيادة على ما ذكرنا و عنده إذا هلك الأصل انفسخ العقد أصلا و رأسا .
و منها أنه إذا أتلفها أجنبي و ضمنها بلا خلاف فالمشتري بالخيار عندنا إن شاء اختار الفسخ و يرجع البائع على الجاني بضمان الجناية و إن شاء اختار المبيع و اتبع بالضمان و عليه جميع الثمن كما لو أتلف الأصل و عنده عليه الضمان و لا خيار للمشتري .
و منها : إذا اشترى نخلا من تمر فلم يقبض النخل حتى أثمر النخل كرا فقبض النخل مع الكر الحادث لا يطيب الكر و عليه أن يتصدق به عندنا لأن التمر الحادث عندنا زيادة متولدة من المبيع فكان مبيعا و له عند القبض حصة من الثمن كما لغيره من الزوائد و الثمر من جنسه زيادة عليه فلو قسم على النخل و الكر الحادث يصير ربا فيفسد البيع في الكر الحادث و لا يفسد في النخل بخلاف ما إذا باع نخلا و كرا من تمر بكر من تمر إن العقد يفسد في التمر و النخل جميعا لأن هناك الربا دخل في العقد باشتراطهما و صنعهما لأن بعض المبيع مال الربا و هو التمر و التمر مقسوم عليهما فيتحقق الربا و إدخال الربا في العقد يفسد العقد كله و ههنا البيع كان صحيحا في الأصل لأن الثمن خلاف جنس المبيع و هو النخل وحده إلا أنه لما زاد بعد العقد صار مبيعا في حال البقاء لا بصنعهما فيفسد في الكر الحادث و يقتصر الفساد عليه .
و منها : إذا اشترى عبدا بألف درهم يساوي ألفين فقتل قبل القبض فاختار البيع و اتباع الجاني فأخذ قيمته ألفين يتصدق بالألف الزائد عندنا لأنه ربح ما لم يضمن و عنده لا يتصدق بشيء و الله عز و جل أعلم .
و منها : إذا غصب كر حنطة فابتلت في يد الغاضب و انتفخت حتى صارت كرا و نصف كر ضمن للمالك كرا مثله فإنه يملك ذلك الكر و نصف الكر عندنا لكن يتصدق بنصف الكر عندنا لكن يتصدق بنصف الكر الزائد و طاب له ما بقي لأن الملك عندنا يثبت من وقت الغصب بالضمان و الزيادة بالانتفاخ حصلت بعد ذلك فتعتير بالزيادة المتولدة و عند الشافعي C في هذا الفصل يرد الكل لأن المضمونات عنده لا تملك بالضمان