العيب الذي يوجب الخيار .
و أما تفسير العيب الذي يوجب الخيار و تفصيل المفسر فكل ما يوجب نقصان الثمن في عادة التجار نقصانا فاحشا أو يسيرا فهو عيب يوجب الخيار و ما لا فلا نحو العمى و العور و الحول و القبل و هو نوع من الحول مصدر الأقبل و هو الذي كأنه ينظر إلى طرف أنفه و السبل و هو زيادة في الأجفان و العشا مصدر الأعشى و هو الذي لا يبصر بالليل و الخوص مصدر الأخوص و هو غائر العين و الحوض مصدر الأحوص و هو الضيق مؤخر العين و الغروب و هو ورم في الأماق و هي أطراف العين التي تلي الأنف .
و قيل : هو درور الدمع دائما و الظفرة و هي التي يقال لها بالفارسية ناخنه و الشتر و هو انقلاب جفن العين و البرص و القرع و السلع و الشلل و الزمانة و الفدع و هو إعوجاج في الرسغ من اليد أو الرجل و الفجج مصدر الأفجج و هو الذي يتدانى عقباه و ينكشف ساقاه في المشي .
و الصكك مصدر الأصك و هو الذي يصك ركبتاه و الحنف مصدر الأحنف و هو الذي أقبلت إحدى إبهام رجليه على الأخرى و البزي مصدر الأبزى و هو خروج الصدر .
و العسر مصدر الأعسر و هو الذي يعمل بشماله و الأصبع الزائدة و الناقص و السن الشاغية و السوداء و الناقصة و الظفر الأسود و البخر و هو نتن الفم في الجواري لا في العبيد إلا أن يكون فاحشا لأنه حينئذ يكون عن داء و الزفر و هو نتن الإبط في الجارية لا في الغلام إلا أن يفحش فيكون عيبا فيهما جميعا و الأدر مصدر الإدرة و هو الذي به أدرة يقال لها بالفارسية فتح .
و الرتق و هو انسداد فرج الجارية و الفتق و هو انفتاح فرجها و القرن و هو في النساء كالأدرة في الرجال و الشمط و الشيب في الجواري و العبيد و السلول و القروح و الشجاع و الأمراض كلها .
و الحبل في الجواري لا في البهائم لأنه زيادة في البهيمة و حذف الحروف في المصحف الكريم أو في بعضه و الزنا في الجارية لا في الغلام لأنه يفسد الفراش و قد يقصد الفراش في الإماء بخلاف الغلام إلا إذا فحش و صار اتباع النساء عادة له فيكون عيبا فيه أيضا لأنه يوجب تعطيل منافعه على المولى و كذا إذا ظهر وجوب الحد عليه فهو عيب .
و قال بعض مشايخنا ببلخ : الزنا يكون عيبا في الغلام أيضا لأنه لا يؤتمن على أهل البيت فلا يستخدم و هذا ليس بسديد لأن الغلام الكبير لا يشترى للاستخدام في البيت بل للأعمال الخارجة و كون المشترى ولد الزنا في الجارية لا في العبيد لما ذكرنا أنه قد يقصد الفراش من الجواري فإذا جاءت بولد يعير ولده بأمه بخلاف الغلام لأنه يشترى للخدمة عادة و الكفر في الجارية و الغلام عيب لأن الطبع السليم ينفر عن صحبة الكافر .
و أما الإسلام فليس بعيب بأن اشترى نصراني عبدا فوجده مسلما لأن الإسلام زيادة و النكاح في الجارية و الغلام لأن منافع البضع مملوكة للزوج و العبد يباع في المهر و النفقة فيوجب ذلك نقصانا في ثمنها و العدة من طلاق رجعي لا من طلاق بائن أو ثلاث لأن الرجعي لا يوجب زوال الملك بخلاف البائن و الثلاث و احتباس الحيضة في الجارية في الجارية البالغة مدة طويلة شهران فصاعدا و الاستحاضة لأن ارتفاع الحيض في أوانه لا يكون إلا لداء عادة .
و كذا استمرار الدم في أيام الطهر و الإحرام في الجارية ليس بعيب لأن المشتري يملك إزالته فإن له أن يحللها و الحرمة بالرضاع أو الصهرية ليس بعيب فيها لأن الجواري لا يشترين للاستمتاع عادة بل للاستخدام في البيت و هذه الحرمة لا تقدح في ذلك بخلاف النكاح حيث يكون عيبا و إن لم يثبت به إلا حرمة الاستمتاع لأنه يحل بالاستخدام .
و الثيابة في الجارية ليس بعيب إلا ان يكون اشتراها على شرط البكارة فيردها بعد الشرط و الدين و الجناية لأنه يدفع بالجناية و يباع بالدين و الجهل بالطبخ و الخبز في الجارية ليس بعيب لأنه لا يوجب نقصان الثمن في عادة التجار بل هو حرفة بمنزلة الخياطة و نحوها فانعدامه لا يكون عيبا إلا أن يكون ذلك مشروطا في العقد فيردها لفوات الشرط لا للعيب .
و لو كانت تحسن الطبخ و الخبز في يد البائع ثم نسيت في يده فاشتراها فوجدها لا تحسن ذلك ردها و إن لم يكن ذلك مشروطا في العقد لأنها إذا كانت تحسن ذلك في يد البائع و هي صفة مرغوبة تشترى لها الجارية عادة فالظاهر أنه إنما اشتراها رغبة فيها فصارت مشروطة دلالة فيردها لانعدام المشروطة كما لو شرط ذلك نصا و انعدام الختان في الغلام و الجارية إذا كانا مولودين كبيرين فإن كانا مولودين صغيرين فليس بعيب لأن الختان في حالة الكبر فيه زيادة ألم .
و هذا الذي ذكر في الجارية في عرف بلادهم لأنهم يختنون الجواري فأما في عرف ديارنا فالجارية لا تختن فعدم الختان فيها لا يكون عيبا أصلا .
و إن كان الغلام كبيرا حربيا لا يكون عيبا لأن فيه ضرورة لأن أكثر الرقيق يؤتى به من دار الحرب و أهل الحرب لا ختان لهم فلو جعل ذلك عيبا يرد به لضاق الأمر على الناس و لأن الختان إذا لم يكن من فعل أهل دار الحرب و عادتهم و مع ذلك اشتراه كان ذلك منه دلالة الرضا بالعيب و الإباق و السرقة و البول في الفراش و الجنون لأن كل واحد منها يوجب النقصان في الثمن في عادة التجار نقصانا فاحشا فكان عيبا إلا أنه هل يشترط في هذه العيوب الأربعة اتحاد الحالة و هل يشترط ثبوتها عند المشتري بالحجة لثبوت حق الرد فسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى .
و الحنف : مصدر الأحنف من الخيل و هو الذي إحدى عينيه زرقاء و الأخرى كحلاء و الصدف مصدر الأصدف و هو الدابة التي يتدانى فخذاها و يتباعد حافراها و يلتوي رسغاها .
و العزل : مصدر الأعزل و هو من الدواب الذي يقع ذنبه من جانب عادة لا خلقة و المشش و هو ارتفاع العظم لآفة أصابته و الجرد مصدر الأجرد و هو من الإبل الذي أصابه انقطاع عصب من يده أو رجله فهو ينقصها إذا سار و الحران و الحرون مصدر الحرون و هو الذي يقف و لا ينقاد للسائق و لا للقائد .
و الجماح و الجموح مصدر الجموح و هو أن يشتد الفرس فيغلب راكبه و خلع الرسن ظاهر وبل المخلاة كذلك و الهشم في الأواني والصدع في الحوائط و الجدوع و نحوها من العيوب فأنواع العيوب فيها كثيرة لا وجه لذكرها ههنا كلها و التعويل في الباب على عرف التجار فما نقص الثمن في عرفهم فهو عيب يوجب الخيار و مالا فلا و الله عز و جل أعلم