- وأجمعوا على أن الواجب في الحبوب أما ما سقي بالسماء فالعشر وأما ما سقي بالنضح فنصف العشر لثبوت ذلك عنه A . وأما النصاب فإنهم اختلفوا في وجوبه في هذا الجنس من مال الزكاة فصار الجمهور إلى إيجاب النصاب فيه وهو خمسة أوسق والوسق ستون صاعا بإجماع والصاع أربعة أمداد بمد النبي E والجمهور على أن مده رطل وثلث وزيادة يسيرة بالبغدادي وإليه رجع أبو يوسف حين ناظره مالك على مذهب أهل العراق لشهادة أهل المدينة بذلك وكان أبو حنيفة يقول في المد إنه رطلان وفي الصاع إنه ثمانية أرطال . وقال أبو حنيفة : ليس في الحبوب والثمار نصاب . وسبب اختلافهم معارضة العموم للخصوص . أما العموم فقوله E " فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر " وأما الخصوص فقوله E " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " والحديثان ثابتان فمن رأى الخصوص يبنى على العموم قال لا بد من النصاب وهو المشهور ومن رأى أن العموم والخصوص متعارضان إذا جهل المتقدم فيهما والمتأخر إذ كان قد ينسخ الخصوص بالعموم عنده وينسخ العموم بالخصوص إذ كل ما وجب العمل به جاز نسخه والنسخ قد يكون للبعض وقد يكون للكل ومن رجح العموم قال لا نصاب ولكن حمل الجمهور عندي الخصوص على العموم هو من باب ترجيح الخصوص على العموم في الجزء الذي تعارضا فيه فإن العموم فيه ظاهر والخصوص فيه نص فتأمل هذا فإنه السبب الذي صير الجمهور إلى أن يقولوا بنى العام على الخاص وعلى الحقيقة ليس بنيانا فإن التعارض بينهما موجود إلا أن يمكن الخصوص متصلا بالعموم فيكون استثناء واحتجاج أبي حنيفة في النصاب بهذا العموم فيه ضعف فإن الحديث إنما خرج مخرج تبين القدر الواجب منه . واختلفوا من هذا الباب في النصاب في ثلاث مسائل : المسألة الأولى : في ضم الحبوب بعضهما إلى بعض في النصاب . الثانية : في جواز تقدير النصاب في العنب والتمر بالخرص . الثالثة : هل يحسب على الرجل ما يأكله من ثمره وزرعه قبل الحصاد والجذاذ في النصاب أم لا ؟