وأنكر القاضي عياض ذلك على ابن خلاد وقال كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينته إلى هذا الشيء ومات قبله وقد نشر من الحديث والعلم ما لا يحصى .
هذا عمر بن عبد العزيز توفي ولم يكمل الأربعين وسعيد بن جبير لم يبلغ خمسين وكذلك إبراهيم النخعي وهذا مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين سنة وقيل ابن سبع عشرة سنة والناس متوافرون وشيوخه أحياء وكذلك محمد بن إدريس الشافعي قد أخذ عنه العلم في سن الحداثة وانتصب لذلك .
قلت ما ذكره ابن خلاد غير مستنكر وهو محمول على أنه قاله فيمن يتصدى للتحديث ابتداء من نفسه من غير براعة في العلم تعجلت له قبل السن الذي ذكره فهذا إنما ينبغي له ذلك بعد استيفاء السن المذكور فإنه مظنة الاحتياج إلى ما عنده .
وأما الذين ذكرهم عياض ممن حدث قبل ذلك فالظاهر ان ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك أو لأنهم سئلوا ذلك إما بصريح السؤال أو بقرينة الحال .
وأما السن الذي إذا بلغه المحدث انبغى له الإمساك عن التحديث فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف ويخاف عليه فيه أن يخلط ويروي ما ليس من حديثه والناس في بلوغ هذا السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم وهكذا إذا عمي وخاف أن يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية .
وقال ابن خلاد وأعجب إلي أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم