وأهم ذلك معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف الإطلاق فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة - كما إذا قيل : فلان القرشي - أنه منهم صليبة فإذا بيان من قيل فيه ( قرشي ) من أجل كونه مولى لهم مهم .
( 243 ) واعلم أن فيهم من يقال فيه ( مولى فلان ) أو ( لبني فلان ) والمراد به مولى العتاقة وهذا هو الأغلب في ذلك . ومنهم من أطلق عليه لفظ ( المولى ) والمراد بها ولاء الإسلام . ومنهم ( أبو عبد الله البخاري ) فهو ( محمد بن إسماعيل الجعفي ) مولاهم نسب إلى ولاء ( الجعفيين ) لأن جده - وأظنه الذي يقال له الأحنف - أسلم وكان مجوسيا على يد ( اليمان بن أخنس الجعفي ) جد ( عبد الله بن محمد المسندي الجعفي ) أحد شيوخ ( البخاري ) .
وكذلك ( الحسن بن عيسى الماسرجسي ) مولى ( عبد الله بن المبارك ) إنما ولاؤه من حيث كونه أسلم - وكان نصرانيا - على يديه .
ومنهم من هو مولى بولاء الحلف والموالاة ( كمالك بن أنس ) الإمام ونفره هم أصبحيون حميريون صليبة وهم موال لتيم قريش بالحلف . وقيل : لأن جده ( مالك بن أبي عامر ) كان عسيفا على ( طلحة بن عبيد الله التيمي ) أي أجيرا وطلحة يختلف بالتجارة فقيل : مولى التيميين لكونه مع ( طلحة بن عبيد الله التيمي ) .
وهذا قسم رابع في ذلك وهو نحو ما أسلفناه في مقسم أنه قيل فيه ( مولى ابن عباس ) للزومه إياه .
وهذه أمثلة للمنسوبين إلى القبائل من مواليهم : ( أبو البختري الطائي سعيد ابن فيروز التابعي ) هو مولى طيء .
( أبو العالية رفيع الرياحي التميمي التابعي ) كان مولى امرأة من بني رباح .
( عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي ) أبو داود الراوي عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرهما هو مولى بني هاشم .
( الليث بن سعد المصري الفهمي ) مولاهم .
( عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي ) مولاهم .
عبد الله بن وهب المصري القرشي مولاهم .
( عبد الله بن صالح المصري ) كاتب ( الليث الجهني ) مولاهم .
( 244 ) وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي الراوي عن ( أبي هريرة ) و ( ابن عمر ) كان مولى لمولى هاشم لأنه مولى ( شقران ) مولى رسول الله - A .
روينا عن ( الزهري ) قال : قدمت على ( عبد الملك بن مروان ) فقال : من أين قدمت يا زهري ؟ قلت : من مكة . قال : فمن خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت : ( عطاء بن أبي رباح ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : وبم سادهم ؟ قلت : بالديانة والرواية . قال : إن أهل الديانة الرواية لينبغي أن يسودوا . قال : فمن يسود أهل اليمن ؟ قال : قلت : ( طاووس بن كيسان ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : وبم سادهم ؟ قلت : بما سادهم به عطاء . قال : إنه لينبغي . قال : فمن يسود أهل مصر ؟ قال : قلت : ( يزيد بن أبي حبيب ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل الشام ؟ قال : قلت : مكحول . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل . قال : فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت : ( ميمون بن مهران ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل خراسان ؟ قال : قلت : ( الضحاك بن مزاحم ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل البصرة ؟ قال : قلت : ( الحسن بن أبي الحسن ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : ويلك فمن يسود أهل الكوفة ؟ قال : قلت : ( إبراهيم النخعي ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من العرب . قال : ويلك يا زهري فرجت عني والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها . قال : قلت : يا أمير المؤمنين ؟ إنما هو أمر الله ودينه من حفظه ساد ومن ضيعه سقط .
وفيما نرويه عن ( عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ) قال : لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة فإن الله خصها بقرشي فكان فقيه أهل المدينة ( سعيد بن المسيب ) غير مدافع .
( 245 ) قلت : وفي هذا بعض الميل فقد كان حينئذ من العرب غير ( ابن المسيب ) فقهاء أئمة مشاهير منهم ( الشعبي والنخعي ) وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ( ابن المسيب ) عرب إلا ( سليمان بن يسار ) والله أعلم