وهو المختلق المصنوع .
اعلم : أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه . بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب على ما نبينه قريبا إن شاء الله تعالى .
( 59 ) وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة إقراره . وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها .
ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلدين فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة .
والواضعون للحديث أصناف وأعظمهم ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث احتسابا فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونا إليهم . ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها والحمد لله .
وفيما روينا عن الإمام أبي بكر السمعاني : أن بعض الكرامية ذهب إلى جواز وضع الحديث في باب الترغيب والترهيب .
ثم إن الواضع : ربما صنع كلاما من عند نفسه فرواه وربما أخذ كلاما لبعض الحكماء أو غيرهم فوضعه على رسول الله A .
وربما غلط غالط فوقع في شبه الوضع من غير تعمد كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار .
مثال : روينا عن أبي عصمة - وهو نوح بن أبي مريم - أنه قيل له : من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة ؟ فقال : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة .
وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب عن النبي A في فضل القرآن سورة فسورة . بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه وإن أثر الوضع لبين عليه . ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم والله أعلم