@ 163 @ قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِى الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ } ، إلى قوله : { تَبِيعًا } ، وفي مواضع أُخر . { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ } . امتنّ اللَّه جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة على قريش ، بأنه جعل لهم حرمًا آمنًا ، يعني : حرم مكة ، فهم آمنون فيه على أموالهم ودمائهم ، والناس الخارجون عن الحرم ، يتخطفون قتلاً وأسرًا . .
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية الكريمة ، جاء مبيّنًا في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى في ( القصص ) : { وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ لَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءامِناً } ، وقوله تعالى : { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً } ، وقوله تعالى : { جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لّلنَّاسِ } ، وقوله تعالى : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَاذَا الْبَيْتِ * الَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ } . { وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن الذين جاهدوا فيه ، أنه يهديهم إلى سبل الخير والرشاد ، وأقسم على ذلك بدليل اللام في قوله : { لَنَهْدِيَنَّهُمْ } . .
وهذا المعنى جاء مبيّنًا في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } ، وقوله تعالى : { وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ } ، كما تقدّم إيضاحه . { وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } . قد قدّمنا إيضاحه في آخر سورة ( النحل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } .