@ 435 @ تعالى { وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } . .
فقوله تعالى : { حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً } : أي حتى إذا حملت الرياح سحاباً ثقالاً ، فالإقلال الحمل ، وهو مسند إلى الريح . ودلالة هذا على أن الحاملات وقراً هي الرياح ظاهرة كما ترى ، ويصح شمول الآية لجميع ذلك . .
وقد قدمنا مراراً أنه هو الأجود في مثل ذلك ، وبينا كلام أهل الأصول فيه ، وكلامهم في حمل المشترك على معنييه أو معانيه ، في أول سورة النور وغيرها . .
والقول بأن الحاملات وقراً : هي حوامل الأجنة من الإناث ، ظاهر السقوط ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً } أكثر أهل العلم على أن المراد بالجاريات يسراً : السفن تجري في البحر يسراً أي جرياً ذا يسر أي سهولة . .
والأظهر أن هذا المصدر المنكر حال كما قدمنا نحوه مراراً : أي فالجاريات في حال كونها ميسرة مسخراً لها البحر ، ويدل لهذا القول كثرة إطلاق الوصف بالجري على السفن كقوله تعالى : { وَمِنْ ءَايَاتِهِ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ } ، وقوله : { إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِى الْجَارِيَةِ } ، وقوله تعالى : { وَالْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } وقوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِىَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وقيل الجاريات الرياح . وقيل غير ذلك . .
وقوله تعالى : { فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } : هي الملائكة يرسلها الله في شؤون وأمور مختلفة ، ولذا عبر عنها بالمقسمات ، ويدل لهذا قوله تعالى : { فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } ، فمنهم من يرسل لتسخير المطر والريح ، ومنهم من يرسل لكتابة الأعمال ، ومنهم من يرسل لقبض الأرواح ، ومنهم من يرسل لإهلاك الأمم ، كما وقع لقوم صالح . .
والتحقيق أن قوله : أمراً مفعول به للوصف الذي هو المقسمات ، وهو مفرد أريد به الجمع . .
وقد أوضحنا أمثلة ذلك في القرآن العظيم ، وفي كلام العرب مع تنكير المفرد كما