@ 414 @ مرصاداً للطاغين مآبا ، وإمَّا مفازاً حدائق وأعناباً ، فبعد هذا البيان ، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً ، يؤب به عند ربه مآباً يرضاه لنفسه ، ومن شاء هنا نص في التخيير ، ولكن المقام ليس مقام تخيير ، وإنما هو بمثابة قوله تعالى : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا } . .
فهو إلى التهديد أقرب ، كما أن فيه اعتبار مشيئة العبد فيما يسلك ، والله تعالى أعلم . .
ويدل على التهديد ما جاء بعده . { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } . وقوله : { يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } ، وهذا كله تحذير شديد ، وحث أكيد على السعي الحثيث لفعل الخير ، وطلب النجاة في اليوم الحق ، نسأل الله السلامة والعافية . { يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } . قد بين تعالى نتيجة هذا النظر إما المسرة به وإما الفزع منه ، كما في قوله : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ } .