@ 40 @ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَاهاً وَاحِداً لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } . .
فجعل مقالة كل من اليهود والنصارى إشراكاً . .
وجاء عن عبد اللَّه بن عمر منع نكاح الكتابية وقال : ( وهل كبر إشراكًا من قولها : { اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا } ، فهو وإن كان مخالفاً للجمهور في منع الزواج من الكتابيات ، إلا أنه اعتبرهن مشركات . .
ولهذا الخلاف والاحتمال وقع النزاع في مسمى الشرك ، هل يشمل أهل الكتاب أم لا ؟ مع أننا وجدنا فرقًا في الشرع في معاملة أهل الكتاب ومعاملة المشركين ، فأحل ذبائح أهل الكتاب ولم يحلها من المشركين ، وأحل نكاح الكتابيات ولم يحله من المشركات ، كما قال تعالى : { وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } . .
وقوله : { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } . .
وقال : { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ } ، بين ما في حق الكتابيات قال : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ، فكان بينهما مغايرة في الحكم . .
وقد جمع والدنا الشيخ محمد الأمين رحمه الله تعالى علينا وعليه بين تلك النصوص في دفع إيهام الاضطراب عند قوله تعالى : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ } ، المتقدم . ذكرها جمعاً مفصلاً مفاده أن الشرك الأكبر المخرج من الملة أنواع ، وأهل الكتاب متصفون ببعض دون بعض ، إلى آخر ما أورده رحمه الله تعالى علينا وعليه . .
ولعل في نفس آية { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ } ، فيها إشارة إلى ما ذكره رحمة الله تعالى علينا وعليه من وجهين : .
الأول : قوله تعالى : { يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } أي يشابهونهم في مقالتهم ، وهذا القدر اتصف به المشركون من أنواع الشرك . .
الثاني : تذييل الآية بصيغة المضارع عما يشركون بين ما وصف عبدة الأوثان في سورة البينة بالاسم والمشركين .