@ 329 @ أن يشار به إلى فرح المسلمين بنصر الله إياهم في أن صدق ما قال نبيهم من أن الروم ستغلب فارس فإن هذا ضرب من النصر عظيم وقوله تعالى ! 2 < وعد الله > 2 ! نصب على المصدر المؤكد وقوله ! 2 < ولكن أكثر الناس لا يعلمون > 2 ! يريد الكفار من قريش والعرب أي لا يعلمون أن الأمور من عند الله وأن وعده لا يخلف وأن ما يورده نبيه حق .
قال القاضي أبو محمد هذا الذي ذكرناه هو عمدة ما قيل وقد حكى الطبري وغيره روايات يردها النظر أو قول الجمهور من ذلك أن بعضهم قال إنما نزلت ! 2 < وعد الله لا يخلف الله وعده > 2 ! بعد غلبة الروم لفارس ووصول الخبر بذلك وهذا يقتضي أن الآية مدنية والسورة مكية بإجماع ونحو هذا من الأقوال $ قوله عز وجل في سورة الروم آية 7 - 8 $ .
وصف تعالى الكفرة الذين لا يعلمون أمر الله وصدق وعده بأنهم إنما ! 2 < يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا > 2 ! واختلف الناس في معنى ! 2 < ظاهرا > 2 ! فقالت فرقة معناه بينا أي ما أدته إليهم حواسهم فكأن علومهم إنما هي علوم البهائم وقال ابن عباس والحسن والجمهور معناه ما فيه الظهور والعلو في الدنيا من إتقان الصناعات والمباني ومظان كسب الأموال والفلاحات ونحو هذا وقالت فرقة معناه ذاهبا زائلا أي يعلمون أمور الدنيا التي لا بقاء لها ولا عاقبة ومثل هذه اللفظة قول الهذلي .
( وعيرها الواشون أني أحبها % وتلك شكاة ظاهر عنك عارها ) .
وقال سعيد بن جبير إن قوله ! 2 < ظاهرا من الحياة الدنيا > 2 ! إشارة إلى ما يعلم من قبل الكهنة مما يسترقه الشياطين وقال الروماني كل ما يعلم بأوائل العقول فهو الظاهر وما يعلم بدليل العقل فهو باطن .
قال القاضي أبو محمد وفيه تقع الغفلة وتقصير الجهال ثم وصفهم ب الغفلة والإعراض عن أمر الآخرة وكرر الضمير تأكيدا وغفلة الكافر هي على الكمال والمؤمن المنهمك في أمور الدنيا التي هي أكبر همه يأخذ من هذه الآية بحظ نور الله قلوبنا بهداه ثم وقفهم على جهة التوبيخ على أنهم قد فكروا فلم تنفعهم الفكرة والنظر إذ لم يكن على سداد وقوله تعالى ! 2 < في أنفسهم > 2 ! يحتمل معنيين أحدهما أن تكون الفكرة في ذواتهم وحواسهم وخلقتهم ليستدلوا بذلك على الخالق المخترع ثم أخبر عقب هذا المعنى بأن الحق هو السبب في خلق السماوات والأرض فيفهم على طريقة الإيجاز والاختصار أن من فكر في نفسه علم حقيقة هذا الخبر ووقف عليه ببصيرة نفسه والمعنى الثاني أن تكون النفس ظرفا للفكرة في خلق السماوات والأرض فيكون قوله ! 2 < في أنفسهم > 2 ! تأكيدا لقوله ! 2 < يتفكروا > 2 ! كما تقول انظر بعينك واسمع بأذنك فقولك بأذنك تأكيد وقوله ! 2 < إلا بالحق > 2 ! أي بسبب المنافع التي هي حق واجب يريد من