@ 72 @ .
وحكم عليهم بالإجرام المضمن للكفر حين يئس منهم وهنا أيضا محذوف من الكلام تقديره فقال الله له ! 2 < فأسر بعبادي > 2 ! وهذا هو الأمر الذي انفذه الله إلى موسى بالخروج من ديار مصر ببني إسرائيل وقد تقدم شرحه وقصصه في سورة الأنبياء وغيرها .
وقرا جمهور الناس ( فاسر ) موصوله بالألف .
وقرأ ( فأسر ) بقطع الألف الحسن وعيسى ورويت عن أبي عمرو .
واعلمه تعالى بانهم ! 2 < متبعون > 2 ! اي يتبعهم فرعون وجنوده .
واختلف المفسرون في قوله تعالى ! 2 < واترك البحر رهوا > 2 ! متى قالها لموسى فقالت فرقة هو كلام متصل ! 2 < إنكم متبعون واترك البحر > 2 ! إذا انفرق لك ! 2 < رهوا > 2 ! .
وقال قتادة وغيره خوطب به بعد ما اجتاز البحر وخشي ان يدخل فرعون وقومه وراءه وأن يخرجوا من المسالك التي خرج منها بنو إسرائيل فهم موسى ان يضرب البحر عسى ان يلتئم ويرجع إلى حاله فقيل له عند ذلك ! 2 < واترك البحر رهوا > 2 ! .
واختلفت عبارة المفسرين في تفسير الرهو فقال مجاهد وعكرمة معناه يبسا من قوله تعالى ! 2 < فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا > 2 ! طه 77 .
وقال الضحاك بن مزاحم معناه دمثا لينا .
وقال عكرمة أيضا جردا وقال ابن زيد سهلا .
وقال ابن عباس معناه ساكنا اي كما جزته وهذا القول الأخير هو الذي تؤيده اللغة فإن العيش الواهي هو الذي هو في خفض ودعة وسكون حكاه المبرد وغيره .
والرهو في اللغة هو هذا المعنى ومنه قول عمرو بن شييم القطامي .
( يمشون رهوا فلا الإعجاز خاذلة % ولا الصدور على الاعجاز تتكل ) .
فإن معناه يمشون اتئادا وسكونا وتماهلا .
ومنه قول الآخر .
( وامة خرجت رهوا إلى عيد % ) .
أي خرجوا في سكون وتماهل فقيل لموسى عليه السلام اترك البحر ساكنا على حاله من الانفراق ليقضي الله امرا كان مفعولا .
والرهو من أسماء الكركي الطائر ولا مدخل له في تفسير هذه الآية ويشبه عندي ان سمي رهوا لسكونه وانه أبدا على تماهل .
وقوله ! 2 < كم تركوا > 2 ! الآية قبله محذوف تقديره فغرقوا وقطع الله دابرهم ثم أخذ يعجب من كثرة ما تركوا من الأمور الرفيعة الغبيطة في الدنيا و ! 2 < كم > 2 ! خبر للتكثير .
والجنات والعيون روي انها كانت متصلة ضفتي النيل جميعا من رشيد إلى أسوان .
واما العيون فيحتمل انه أراد الخلجان الخارجة من النيل فشبهها بالعيون ويحتمل انه كانت ثم عيون ونضبت كما يعتري في كثير من بقاع الارض .
وقرا قتادة ومحمد بن السميفع اليماني ونافع في رواية خارجة عنه ( ومقام ) بضم الميم أي موضع إقامة .
وكذلك قرأ اليماني في كل القرآن الا في مريم ! 2 < خير مقاما > 2 ! مريم 73 فكأن المعنى ! 2 < كم تركوا > 2 ! من موضع حسن كريم في قدره ونفعه .
وقرا جمهور الناس ونافع ( ومقام ) بفتح الميم أي موضع قيام فعلى هذه القراءة قال ابن عباس ومجاهد وابن جبير أراد المنابر .
وعلى ضم الميم في ( مقام ) قال قتادة أراد المواضع الحسان من المساكن وغيرها والقول بالمنابر بهي جدا