@ 125 @ التي لم تتلاحق في زمان واحد وليس هذا مقصد الآية وإنما توجد هذه الصفة في شخص من المنافقين لأن الرجل الواحد منهم يؤمن ثم يكفر ثم يوافي على الكفر وتأمل قوله تعالى ! 2 < لم يكن الله ليغفر لهم > 2 ! فإنها عبارة تقتضي أن هؤلاء محتوم عليهم من أول أمرهم ولذلك ترددوا وليست هذه العبارة مثل أن يقول لا يغفر الله لهم بل هي أشد وهي مشيرة إلى استدراج من هذه حاله وإهلاكه وهي عبارة تقتضي لسامعها أن ينتبه ويراجع قبل نفوذ الحتم عليه وأن يكون من هؤلاء وكل من كفر كفرا واحدا ووافى عليه فقد قال الله تعالى إنه لا يغفر له ولم يقل ! 2 < لم يكن الله ليغفر له > 2 ! فتأمل الفرق بين العبارتين فإنه من دقيق غرائب الفصاحة التي في كتاب الله تعالى كأن قوله ! 2 < لم يكن الله > 2 ! حكم قد تقرر عليهم في الدنيا وهم أحياء .
قوله تعالى $ سورة النساء 138 139 140 $ .
في هذه الآية دليل ما على أن التي قبلها إنما هي في المنافقين كما ترجح آنفا وجاءت البشارة هنا مصرحا بقيدها فلذلك حسن استعمالها في المكروه ومتى جاءت مطلقة فإنما عرفها في المحبوب .
ثم نص تعالى في صفة المنافقين على أشدها ضررا على المؤمنين وهي موالاتهم الكفار واطراحهم المؤمنين ونبه على فساد ذلك ليدعه من عسى أن يقع في نوع منه من المؤمنين غفلة أو جهالة أو مسامحة ثم وقف تعالى على جهة التوبيخ على مقصدهم في ذلك أهو طلب العزة والاستكثار بهم أي ليس الأمر كذلك بل العزة كلها لله يؤتيها من يشاء وقد وعد بها المؤمنين وجعل العاقبة للمتقين و ! 2 < العزة > 2 ! أصلها الشدة والقوة ومنه الأرض العزاز أي الصلبة ومنه ! 2 < عزني > 2 ! أي غلبني بشدته واستعز المرض إذا قوي إلى غير هذا من تصاريف اللفظة .
وقوله تعالى ! 2 < وقد نزل عليكم > 2 ! مخاطبة لجميع من أظهر الإيمان من محقق ومنافق لأنه إذا أظهر الإيمان فقد لزمه أن يمتثل أوامر كتاب الله تعالى والإشارة بهذه الآية إلى قوله تعالى ! 2 < وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره > 2 ! إلى نحو هذا من الآيات وقرأ جمهور الناس نزل عليكم بضم النون وكسر الزاي المشددة قال الطبري وقرأ بعض الكوفيين نزل بفتح النون والزاي المشددة على معنى نزل الله وقرأ أبو حيوة وحميد نزل بفتح النون والزاي خفيفة وقرأ إبراهيم النخعي أنزل بألف على بناء الفعل للمفعول و ! 2 < الكتاب > 2 ! في هذا الموضع القرآن وفي هذه الآية دليل قوى على وجوب تجنب أهل البدع وأهل المعاصي وأن لا يجالسوا وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ قوما يشربون الخمر فقيل له عن أحد الحاضرين إنه صائم فحمل