@ 234 @ .
قال القاضي أبو محمد وفي هذا نظر والاجتناب أن يجعل الشيء جانبا أو ناحية .
ثم أعلم تعالى عباده أن الشيطان إنما يريد أن تقع العداوة بسبب الخمر وما كان يغري عليها بين المؤمنين وبسبب الميسر إذ كانوا يتقامرون على الأموال والأهل حتى ربما بقي المقمور حزينا فقيرا فتحدث من ذلك ضغائن وعداوة فإن لم يصل الأمر إلى حد العداوة كانت بغضاء ولا تحسن عاقبة قوم متباغضين ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ) وباجتماع النفوس والكلمة يحمي الدين ويجاهد العدو و ! 2 < البغضاء > 2 ! تنقض عرى الدين وتهدم عماد الحماية وكذلك أيضا يريد الشيطان أن يصد المؤمنين عن ذكر الله وعن الصلاة ويشغلهم عنها بشهوات فالخمر والميسر والقمار كله من أعظم آلاته في ذلك وفي قوله تعالى ! 2 < فهل أنتم منتهون > 2 ! وعيد في ضمن التوقيف زائد على معنى انتهوا .
ولما كان في الكلام معنى انتهوا حسن أن يعطف عليه ! 2 < وأطيعوا > 2 ! وكرر ! 2 < أطيعوا > 2 ! في ذكر الرسول تأكيدا ثم حذر تعالى من مخالفة الأمر وتوعد من تولى بعذاب الآخرة أي إنما على الرسول أن يبلغ وعلى المرسل أن يعاقب أو يثيب بحسب ما يعصى أو يطاع .
قوله عز وجل $ سورة المائدة 93 94 $ .
سبب هذه الآية فيما قال ابن عباس والبراء بن عازب وأنس بن مالك أنه لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة يا رسول الله كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ونحو هذا من القول فنزلت هذه الآية .
قال القاضي أبو محمد وهذا نظير سؤالهم عمن مات على القبلة الأولى ونزلت ! 2 < وما كان الله ليضيع إيمانكم > 2 ! ولما كان أمر القبلة خطيرا ومعلما من معالم الدين تخيل قوم نقص من فاته وكذلك لما حصلت الخمر والميسر في هذا الحد العظيم من الذم أشفق قوم وتخيلوا نقص من مات على هذه المذمات فأعلم تعالى عباده أن الذم والجناح إنما يلحق من جهة المعاصي وأولئك الذين ماتوا قبل التحريم لم يعصوا في ارتكاب محرم بعد بل كانت هذه الأشياء مكروهة لم ينص عليها بتحريم والشرع هو الذي قبحها وحسن تجنبها والجناح الإثم والحرج وهو كله الحكم الذي يتصف به فاعل المعصية والنسبة التي تترتب للعاصي و ! 2 < طعموا > 2 ! معناه ذاقوا فصاعدا في رتب الأكل والشرب وقد يستعار للنوم وغيره وحقيقته في حاسة الذوق والتكرار في قوله ! 2 < اتقوا > 2 ! يقتضي في كل واحدة زيادة على التي قبلها وفي ذلك مبالغة في هذه الصفات لهم وذهب بعض المفسرين إلى أن يعين المراد بهذا التكرار فقال