@ 292 @ أن الحمى أضرعتني لك ومعنى الآية توعد الكفار وضرب المثل لهم و لولا تحضيض وهي التي تلي الفعل بمعنى هلا وهذا على جهة المعاتبة لمذنب غائب وإظهار سوء فعله مع تحسر ما عليه والمعنى إذ جاءهم أوائل البأس وعلاماته وهو تردد البأساء والضراء و ! 2 < قست > 2 ! معناه صلبت وهي عبارة عن الكفر ونسب التزيين إلى الشيطان وقد قال تعالى في آية أخرى ! 2 < كذلك زينا لكل أمة عملهم > 2 ! لأن تسبب الشيطان ووسوسته تجلب حسن الفكر في قلوبهم وذلك المجلوب الله يخلقه فإن نسب إلى الله تعالى فبأنه خالقه وإلى الشيطان فبأنه مسببه .
وقوله تعالى ! 2 < فلما نسوا > 2 ! الآية عبر عن الترك بالنسيان إذا بلغ وجوه الترك الذي يكون معه نسيان وزوال المتروك عن الذهن وقرأ ابن عامر فيما روي عنه فتحنا بتشديد التاء و ^ كل شيء ^ معناه مما كان سد عليهم بالبأساء والضراء من النعم الدنياوية فهو عموم معناه خصوص و ! 2 < فرحوا > 2 ! معناه بطروا وأشروا وأعجبوا وظنوا أن ذلك لا يبيد وأنه دال على رضى الله عنهم وهو استدراج من الله تعالى وقد روي عن بعض العلماء أنه قال رحم الله عبدا تدبر هذه الآية ! 2 < حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة > 2 ! وقال محمد بن النضر الحارثي أمهل القوم عشرين سنة وروى عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ^ إذا رأيتم الله يعطي العباد ما يشاؤون على معاصيهم فذلك استدراج ثم تلا ^ فلما نسوا ^ الآية كلها و ^ أخذناهم ^ في هذا الموضع معناه استأصلناهم وسطونا بهم و ^ بغتة ^ معناه فجأة والعامل فيه ^ أخذناهم ^ وهو مصدر في موضع الحال لا يقاس عليه عند سيبويه والمبلس الحزين الباهت اليائس من الخير الذي لا يحير جوابا لشدة ما نزل به من سوء الحال وقوله تعالى ^ فقطع دابر القوم ^ الآية الدابر آخر الأمر الذي يدبره أي يأتي من خلفه ومن قول الشاعر أمية بن أبي الصلت .
( فأهلكوا بعذاب حص دابرهم % فما استطاعوا له دفعا ولا انتصروا ^ + البسيط + وقول الآخر .
( وقد زعمت عليا بغيض ولفها % بأني وحيد قد تقطع دابري ) + الطويل + .
وهذه كناية عن استئصال شأفتهم ومحو آثارهم كأنهم وردوا العذاب حتى ورد آخرهم الذي دبرهم وقرأ عكرمة فقطع بفتح القاف والطاء دابر بالنصب وحسن الحمد عقب هذه الآية لجمال الأفعال المتقدمة في أن أرسل الرسل وتلطف في الأخذ بالبأساء والضراء ليتضرع إليه فيرحم وينعم وقطع في آخر الأمر دابر الظلمة وذلك حسن في نفسه ونعمة على المؤمنين فحسن الحمد يعقب هذه الأفعال وبحمد الله ينبغي أن يختم كل فعل وكل مقالة لا رب غيره .
قوله عز وجل $ سورة الأنعام 46 $