وكل ما يظن من الدنيا سراب وعمارتها وإن حسنت صورتها خراب ومجيئها إلى مجيبها ذهاب ومن خاض الماء الغمر لم يجزع من بلل كما أن من دخل بين الصفين لم يخل من وجل .
والعجب لمن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر التمنع وما أحسن قول الشاعر ... طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفوا من الأقذار والأكدار ... ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار ... وإذا رجوت المستحيل فإنما ... تبني الرجاء على شفير هار ... .
ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور الأمراض والأكدار ولم يضيق العيش على الأنبياء والأخيار ولقد لزق بهم البلاء وعدموا الراحة .
فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا ونوح يبكي ثلثمائة عام وإبراهيم يكابد النار وذبح الولد ويعقوب يبكي حتى ذهب البصر وموسى يقاسي فرعون ويلقى من قومه المحن وعيسى لا مأوى له إلا البر في العيش الضنك ومحمد A يصابر الفقر وقذف الزوجة وقتل من يحبه .
ولو خلقت الدنيا للذة لم يبخس حظ المؤمن منها فإن الجمل