الباب الخامس في ذكر من ثبت عند الموت .
هؤلاء انقسموا أقساما فمنهم من رأى أن الجزع مما لا بد منه لا ينفع فصبر ومنهم من أحب أن يذكر بالصبر ويمدح عليه وقد رأينا جماعة من اللصوص عند الصلب لا يجزعون .
وروينا أنه لما أخذ بابل الحزمي ليقتل قال له أخوه قد فعلت ما لم يفعله أحد فاصبر صبرا لم يصبر مثله أحد فقال سترى صبري فقطعت يده فأخذ من دمها فمسح بها وجهه فقيل له في ذلك فقال خفت أن يصفر وجهي فيظن أن ذلك جزع .
ومنهم من يصبر لئلا يشمت به الأعداء كما قال معاوية عند الموت وقد جلس وتجلد ... وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع ... وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع