102 - ـ فصل : التفكر في خلق الله .
عرض لي في طريق الحج من العرب فسرنا على طريق خبير فرأيت من الجبال الهائلة و الطرق العجيبة ما أذهلني و زادت عظمة الخالق D في صدري فصار يعرض لي عند ذكر تلك الطرق نوع تعظيم لا أجد عند ذكر غيرها .
فصحت بالنفس : و يحك أعبري إلى البحر و أنظري إليه و إلى عجائبه بعين الفكر تشاهدي أهوالا هي أعظم من هذه ثم أخرجي إلى الكون و التفتي إليه فإنك ترينه بالإضافة إلى السماوات و الأفلاك كذرة فيفلاة .
ثم جولي في الأفلاك و طوفي حول العرش و تلمحي ما في الجنان و النيران ثم أخرجي عن الكل و إلتفتي إليه فإنك تشاهدين العالم في قبضة القادر الذي لا تقف قدرته عند حد ثم إلتفي إليك فتلمحي بدايتك و نهايتك و تفكري فيما قبل البداية و ليس إلا العدم و فيما بعد البلى وليس إلا التراب .
فكيف يأنس بهذا الوجود من نظر بعين فكره المبدأ و المنتهي ؟ و كيف يغفل أرباب القلوب عن ذكر هذا الإله العظيم ؟ .
با الله لو صحت النفوس عن سكر هواها لذابت من خوفه أو لغابت في حبه .
غير أن الحس غلب فعظمت قدرة الخالق عند رؤية جبل و إن الفطنة لو تلمحت المعاني لدلت القدرة عليه أوفى من دليل الجبل .
سبحان من شغل أكثر الخلق بما هم فيه عما خلقوا له سبحانه