107 - ـ فصل : أصلح الأمور الاعتدال .
إعلم أن أصلح الأمور الاعتدال في كل شيء و إذا رأينا أرباب الدنيا قد غلبت آمالهم و فسدت في الخير أعمالهم أمرناهم بذكر الموت و القبور و الآخرة .
فأما إذا كان العالم لا يغيب عن ذكره الموت و أحاديث الآخرة تقرأ عليه و تجري على لسانه فتذكره الموت زيادة على ذلك لا تفيد إلا انقطاعه بالمرة .
بل ينبغي لهذا العالم الشديد الخوف من الله تعالى الكثير الذكر للآخرة أن يشاغل نفسه عن ذكر الموت ليمتد نفس أمله قليلا فيصنف و يعمل أعمال خير و يقدر على طلب ولد .
فأما إذا لهج بذكر الموت كانت مفسدته عليه أكثر من مصلحته .
ألم تسمع أن النبي صلى الله عليه و سلم سابق عائشة Bها فسبقته و سابقها فسبقها و كان يمزح و يشاغل نفسه ؟ .
فإن مطالعة الحقائق على التحقيق تفسد البدن و تزعج النفس .
و قد روي عن أحمد بن حنبل C عليه : [ أنه سأل الله تعالى أن يفتح عليه باب الخوف ففتح عليه فخاف على عقله فسأل الله أن يرد ذلك عنه ] .
فتأمل هذا الأصل فإنه لا بد من مغالطة النفس و في ذلك صلاحها و الله الموفق و السلام