120 - ـ فصل : الله أعلم بما يصلح عبده .
اللذات كلها بين حسي و عقلي فنهاية اللذات الحسية و أعلاها النكاح و غاية اللذات العقلية العلم فمن حصلت له الغاياتان في الدنيا فقد نال النهاية و أنا أرشد الطالب إلى أعلى المطلوبين غير أن للطالب المرزوق علامة و هو أن يكون مرزوقا علو الهمة و هذه الهمة تولد مع الطفل فتراه من زمن طفولته يطلب معالي الأمور .
كما يروى في الحديث أنه كان لعبد المطلب مفرش في الحجر فكان النبي صلى الله عليه و سلم يأتي و هو طفل فيجلس عليه فيقول عبد المطلب : [ إن لإبني هذا شأنا ] .
فإن قال قائل : فإذا كانت لي همة و لم أرزق ما أطلب فما الحيلة ؟ .
فالجواب : أنه إذا امتنع الرزق من نوع لم يمتنع من نوع آخر .
ثم من البعيد أن يرزقك همة و لا يعينك فأنظر في حالك فلعله أعطاك شيئا ما شكرته أو إبتلاك بشيء من الهوى ما صبرت عنه .
و اعلم أنه ربما زوى عنك من لذات الدنيا كثيرا ليؤثرك بلذات العلم فإنك ضعيف ربما لا تقوى على الجمع فهو أعلم بما يصلحك .
و أما ما أردت شرحه لك فإن الشاب المبتدئ طلب العلم ينبغي له أن يأخذ من كل علم طرفا و يجعل علم الفقه الأهم و لا يقصر في معرفة النقل فيه تبين سير الكاملين و إذا رزق فصاحة من حيث الوضع ثم أضيف إليها معرفة اللغة و النحو فقد شحذت شفرة لسانه على أجود مسن و متى أدى العلم لمعرفة الحق و خدمة الله D فتحت له أبواب لا تفتح لغيره .
و ينبغي له بالتلطف أن يجعل جزءا من زمانه مصروفا إلى توفير الإكتساب و التجارة مستنيبا فيها غير مباشر لها مع التدبير في العيش الممتن من الإسراف و التبذير .
فإن رواية العلم و العمل به إلى درجة المعرفة لله D آسرة للمشاعر فربما شغلته لذة ما وصل إليه عن كل شيء و يا لها حالة سليمة من آفة و إن وجد من طبعه منازعا إلى الشوق في النكاح فليتخير السراري فإن الحرائر في الأغلب غل و ليعزل عن المملوكات إلى أن يجرب خلقهن و دينهن فإن رضيهن طلب الولد منهن و إلا فالإستبدال بهن سهل .
و لا يتزوج حرة إلا أن يعلم أنها تصبر على التزويج عليها و التسري و لكن قصده الاستمتاع بها لا إجهاد النفس في الإنزال .
فإن ذلك يهدم قوته فيضعف الأصل .
فهذه الحالة الجامعة من لذتي الحسن و العقل ذكرتها على وجه الإشارة .
و فهم الذكي يملى عليه ما لم أشرحه