126 - ـ فصل : البعد عن أسباب الفتنة .
من نازعته نفسه إلى لذة محرمة فشغله نظره إليها عن تأمل عواقبها و عقابها و سمع هتاف العقل يناديه : و يحك لا تفعل فإنك تقف عن الصعود و تأخذ في الهبوط و يقال لك : إبق بما إخترت فإن شغله هواه فلم يلتفت إلى ما قيل له لم يزل في نزول و كان مثله في سوء إختياره كالمثل المضروب : أن الكلب قال للأسد : ياسيد السباع غير إسمي فإنه قبيح فقال له : أنت خائن لا يصلح لك غير هذا الإسم قال : فجربني فأعطاه شقة لحم و قال : إحفظ لي هذه إلى غد و انا أغير إسمك فجاع و جعل ينظر إلى اللحم و يصبر فلما غلبته نفسه قال : و أي شيء بإسمي ؟ و ما كلب إلا إسم حسن فأكل .
و هكذا الخسيس الهمة القنوع بأقل المنازل المختار عاجل الهوى على آجل الفضائل .
فا الله الله في حريق الهوى إذا ثار و انظر كيف تطفئه فرب زلة أوقعت في بئر بوار و رب أثر لم ينقلع و الفائت لا يستدرك على الحقيقة فابعد عن أسباب الفتنة فإن المقاربة محنة لا يكاد صاحبها يسلم و السلام