147 - ـ فصل : من قال : لا أدري فقد أفتى .
أذا صح قصد العالم استراح من كلف التكلف فإن كثيرا من العلماء يأنفون من قول لا أدري فيحفظون بالفتوى جاههم عند الناس لئلا يقال : جهلوا الجواب و إن كانوا على غير يقين مما قالوا و هذا نهاية الخذلان .
و قد روى عن مالك بن أنس أن رجلا سأله عن مسألة فقال : لا أدري فقال سافرت البلدان إليك فقال : ارجع إلى بلدك و قل : سألت مالكا فقال : لا أدري .
فانظر إلى دين هذا الشخص و عقله كيف استراح من الكلفة و سلم عند الله D ثم إن كان المقصود الجاه عندهم فقلوبهم بيد غيرهم .
و الله لقد رأيت من يكثر الصلاة و الصوم و الصمت و يتخشع في نفسه و لباسه و القلوب تنبوا عنه و قدره في النفوس ليس بذلك و رأيت من يلبس فاخر الثياب و ليس له كبير نفل و لا تخشع و القلوب تتهافت على محبته .
فتدبرت السبب فوجدته السريرة كما روي عن أنس بن مالك أنه لم يكن له كبير صلاة و صوم و إنما كانت له سريرة .
فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله و عبقت القلوب بنشر طيبه فا الله الله في السرائر فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر