163 - ـ فصل : لكل بدعة أصل .
تأملت الدخل الذي دخل في ديننا من ناحيتي العلم و العمل فرأيته من طريقين قد تقدما هذا الدين و أنس الناس بهما .
فأما أصل الدخل في العلم و الاعتقاد فمن الفلسفة .
و هو أن خلقا من العلماء في ديننا لم يقنعوا بما قنع به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الإنعكاف على الكتاب و السنة فأوغلوا في النظر في مذاهب أهل الفلسفة وخاضوا في الكلام الذي حملهم على مذاهب رديئة أفسدوا بها العقائد .
و أما أصل الدخل في باب العمل فمن الرهبانية .
فإن خلقا من المتزهدين أخذوا عن الرهبان طريق التقشف و لم ينظروا في سيرة نبينا صلى الله عليه و سلم و أصحابه و سمعوا ذم الدنيا و ما فهموا المقصود فاجتمع لهم الإعراض عن علم شرعنا مع سوء الفهم للمقصود فحدثت منهم بدع قبيحة .
فأول ما ابتدأ به إبليس أنه أمرهم بالإعراض عن العلم فدفنوا كتبهم و غسلوها و ألزمهم زاوية التعبد فيما زعم و أظهر لهم من الخزعبلات ما أوجب إقبال العوام عليهم فجعل إلههم هواهم و لو علموا أنهم منذ دفنوا كتبهم و فارقوا العلم انطفأ مصباحهم ما فعلوا لكن إبليس كان دقيق المكر يوم جعل علمهم في دفين تحت الأرض .
و بالعلم يعلم فساد الطريقين و يهتدي إلى الأصوب .
نسأل الله D ألا يحرمنا إياه فإنه النور في الظلم و الأنيس في الوحدة و الوزير عند الحادثة