173 - ـ فصل : النظر في العاقبة .
اشتد الغلاء ببغداد في أول سنة خمس و سبعين و كلما جاء الشعير زاد السعر .
فتواقع الناس على إشتراء الطعام فاغتبط من يستعد كل سنة يزرع ما يقوته و فرح من بادر في أول نيسان إلى إشتراء الطعام فإنه يضاعف ثمنه .
و أخرج الفقراء ما في بيوتهم فرموه في سوق الهوان و بان ذل نفوس كانت عزيزة .
فقلت : يا نفس خذي من هذه الحال إشارة ليغبطن من له عمل صالح وقت الحاجة إليه و ليفرحن من له جواب عند إقبال المسألة .
و كل الويل على المفرط الذي لا ينظر في عاقبته فتنبهى .
فقد نبهت ناسيا الدنيا على أمر الآخرة .
و بادري موسم الزرع ما دامت الروح في البدن فالزمان كله تشرين قبل أن يدخل نيسان الحصاد .
و مالك زرع و حاجة المفتقرين إلى أموالهم تمنعهم من الإيثار