179 - ـ فصل : تزينوا للحق لا للخلق .
ما أقل من يعمل لله تعالى خالصا لأن أكثر الناس يحبون ظهور عباداتهم و سفيان الثوري كان يقول : [ لا أعتد بما ظهر من عملي ] و كانوا يسترون أنفسهم .
و اليوم ثياب القوم تشهرهم و قد كان أيوب السختياني يطول قميصه حتى يقع على قدميه و يقول : كانت الشهرة في التطويل و اليوم الشهرة في التقصير .
فاعلم أن ترك النظر إلى الخلق و محو الجاه من قلوبهم بالعمل و إخلاص القصد و ستر الحال هو الذي رفع من رفع .
فقد كان أحمد بن حنبل يمشي حافيا في وقت و يحمل نعليه في يديه و يخرج للقاط و بشر يمشي حافيا على الدوام وحده و معروف يلتقط النوى .
و اليوم صارت الرياسات أكثر من كل جانب و ما تتمكن الرياسات حتى تتمكن من القلب الغفلة و رؤية الخلق و نسيان الحق فحينئذ تطلب الرياسة على أهل الدنيا .
و لقد رأيت من الناس عجبا حتى من يتزين بالعلم إن رآني أمشي وحدي أنكر علي و إن رآني أزور فقيرا عظم ذلك و إن رآني أنبسط بتبسم نقصت من عينه .
فقلت : فواعجبا هذه كانت طريق الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه Bهم .
فصارت أحوال الخلق نواميس لإقامة الجاه .
لا جرم ـ و الله ـ سقطتم من عين الحق فأسقطكم من عين الخلق .
فكم ممن يتعب في تربية ناموس و لا يلتفت إليه و لا يحظى بمراده و يفوته المراد الأكبر .
فالتفتوا ـ إخواني ـ إلى إصلاح النيات و ترك التزين للخلق و لتكن عمدتكم الإستقامة مع الحق فبذلك صعد السلف و سعدوا .
و إياكم و ما الناس عليه اليوم فإنه بالإضافة إلى يقظة السلف نوم