202 - ـ فصل : الزنا اقبح الذنوب .
كل المعاصي قبيحة و بعضها أقبح من بعض .
فإن الزنا من أقبح الذنوب فإنه يفسد الفرش و يغير الأنساب و هو بالجارة أقبح .
فقد روي في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال : قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : [ أن تجعل الله ندا و هو خلقك ] .
قلت : ثم أي ؟ قال : [ أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك ] .
قلت : ثم أي ؟ قال : [ أن تزاني حليلة جارك ] .
و قد روى البخاري في تاريخه من حديث المقداد بن الأسود عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر من أن يزني بامرأة جاره و لن يسرق من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره ] .
و إنما كان هذا لأنه يضم إلى معصية الله D انتهاك حق الجار .
و من أقبح الذنوب أن يزني الشيخ ففي الحديث [ إن الله يبغض الشيخ الزاني ] لأن شهوة الطبع قد ماتت و ليس فيها قوة تغلب فهو يحركها و يبالغ فكانت معصيته عنادا .
و من المعاصي التي تشبه المعاندة لبس الرجل الحرير و الذهب خصوصا خاتم الذهب الذي يتحلى به الشيخ و أنه من أرد الأفعال و أقبح الخطايا .
و من هذا الفن الرياء و التخاشع و إظهار التزهد للخلق فإنه كالعبادة لهم مع إهمال جانب الحق D .
و كذلك المعاملة بالربا الصريح خصوصا من الغني الكثير المال .
و من أقبح الأشياء أن يطول المرض بالشيخ الكبير و لا يتوب من ذنب .
لا يعتذر من زلة و لا يقضي دينا و لا يوصى بإخراج حق عليه .
و من قبائح الذنوب أن يتوب السارق أو الظالم و لا يرد المظالم .
و المفرط في الزكاة أو في الصلاة و لا يقضي .
و من أقبحها أن يحنث في يمين طلاقه ثم يقيم مع المرأة .
و قس على ما ذكرته فالمعاصي كثيرة و أقبحها لا يخفى .
و هذه المستقبحات فضلا عن القبائح تشبه العناد للآمر فيستحق صاحبها اللعن و دوام العقوبة .
و إني لأرى شرب الخمر من ذلك الجنس لأنها ليست مشتهاة لذاتها و لا لريحها و لا لطعمها فيما يذكر .
إنما لذتها ـ فيما يقال ـ بعد تخرج مرارتها .
فالإقدام على ما لا يدعو إليه الطبع إلى أن يصل التنازل إلى اللذة معاندة .
نسأل الله D إيمانا يحجز بيننا و بين مخالفته و توفيقا لما يرضيه فإنما نحن به و له