204 - ـ فصل : الغضب غلبة من الشيطان .
متى رأيت صاحبك قد غضب و أخذ يتكلم بما لا يصلح فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصرا و لا أن تؤاخذه به .
فإن حاله حال السكران لا يدري ما يجري .
بل اصبر لفورته و لا تعول عليها فإن الشيطان قد غلبه و الطبع قد هاج و العقل قد استتر .
و متى أخذت في نفسك عليه أو أجبته بمقتضى فعله كنت كعاقل واجه مجنونا أو كمفيق عاتب مغمى عليه فالذنب لك .
بل انظر بعين الرحمة و تلمح تصريف القدر له و تفرج في لعب الطبع به و اعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى و عرف لك فضل الصبر .
و أقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به .
و هذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند الغضب الوالد و الزوجة عند غضب الزوج فتتركه يشتفي بما يقول و لا تعول على ذلك فسيعود نادما معتذرا .
و متى قوبل على حالته و مقالته صارت العداوة متمكنة و جازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر .
و أكثر الناس على غير هذه الطريق .
متى رأوا غضبان قابلوه بما يقول و يعمل و هذا على مقتضى الحكمة بل الحكمة ما ذكرته و ما يعقلها إلا العالمون