22 - ـ فصل : من رام صلاح القلب رام الممتنع .
تأملت أمر الدنيا و الآخرة فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية و حوادث الآخرة إيمانية يقينية و الحسيات أقوى جذبا لمن لم يقو علمه و يقينه .
و الحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها فمخالطة الناس و رؤية المستحسنات و التعرض بالملذوذات يقوي حوادث الحس .
و العزلة و الفكر و النظر في العلم يقوي حوادث الآخرة .
و يبين هذا بأن الإنسان إذا خرج في الأسواق و يبصر زينة الدنيا ثم دخل إلى المقابر ففكر ورق قلبه فإنه يحس بين الحالتين فرقا بينا .
و سبب ذلك التعرض بأسباب الحوادث .
فعليك بالعزلة و الذكر و النظر في العلم فإن العزلة حمية و الفكر و العلم أدوية و الدواء مع التخليط لا ينفع .
و قد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق و التخليط في الأفعال فليس لك دواء إلا ما وصفت لك .
فأما إذا خالطت الخلق و تعرضت للشهوات ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع