259 - ـ فصل : ذل النفس للخالق .
نظرت في قول رسول الله صلى الله عليه و سلم لما لبس الخاتم ثم رمى به و قال : [ شغلني نظري إليكم و نظري إليه ] و قوله : [ هذا رجل يتبختر في حلته مرجلا جمته خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ] فرأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يلبس ثوبا معجبا و لا شيئا من زينة لأن ذلك يوجب النظر إلى النفس بعين الإعجاب و النفس ينبغي أن تكون ذليلة للخالق .
و قد كان قدماء أحبار في بني إسرائيل يمشون على العصي لئلا يقع منهم بطر في المشي .
و لبست أم المؤمنين عائشة Bها درعا لها فأعجبت به فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن الله لا ينظر إليك في حالتك هذه ] .
و لما لبس رسول الله صلى الله عليه و سلم خميصة لها أعلام قال : [ ألهتني هذه عن صلاتي ] و هذا كله يوجب الإعراض عن الزينة و ما يحرك إلى الفخر و الزهو و العجب .
و لهذا حرم الحرير .
و أقول على أسباب هذا : إن المرقعات التي يتتوق فيها المتصوفة بالسوارك و التلميع ربما أوجبت زهو اللابس إما لحسنها في ذاتها أو لعمله أنها تنبئ عنه بالتصوف و الزهد .
و كذلك الخاتم في اليد و طول الأكمام و النعال الصرارة .
و لا أقول : إن هذه الأشياء تحرم بل ربما جلبت ما يحرم من الزهو فينبغي للعاقل أن يتنبه بما قلت في دفع كل ما يحذر من شره .
و قد ركب ابن عمر نجيبا فأعجبه مشيه فنزل و قال يا نافع : أخله في البدن