276 - ـ فصل : التقوى خير ذخيرة للنفس .
للنفس ذخائر في البدن منها الدم و المني و أشياء تتقوى بها فإذا فقدت الذخائر و لم يبق منها شيء ذهبت .
و من ذخائرها بالمال و الجاه و ما يوجب الفرح فإذا فقدت ذلك و كانت عزيزة ذات أنفة حرجت .
و قد يهجم عليها الخوف فلا تجد ذخيرة من الرجاء يقاومه فتذهب .
و يغلب عليها الفرح فلا تجد من الحزن ما يقاومه فتذهب .
فاجتهد كفي حفظ ذخائرها و خصوصا الشيخ فإنه ينبغي له ألا يفرح بإخراج الدم و لا بإخراج المني و إن وجد شبقا إلا أن يكون الشبق زائدا في الحد فيخرج المؤذي في كل حين .
و علامة أن يكون مؤذيا وجود الرحة عند خروجه فمتى وجد ضعفا فقد آذى خروجه .
و ليحفظ ذو الأنفة على نفسه حشمته بألا يقف في موقف يعاب به فإنه يتمتع بذخيرة العز و الأنفة و يضاد النفس ضد ذلك .
و كذلك ينبغي أن يستعد لآخر عمره بالمال مخافة أن يحتاج فيذل أو يسعى و قد كلت الآلة .
و لأن يخلف لعدوه أولى من أن يحتاج إلى صديقه .
و لا يلتفت إلى من يذم المال فإنهم الحمقى الجهال الذين اتكلوا على خبز الراحة فاستطابوا الكسل و الدعة و لم يأنفوا من تناول الصدقة و لا من التعرض للسؤال .
و قد كان لكل نبي معاش و لجميع الصحابة و خلفوا أموالا كثيرة .
فافهم هذا الأصل و لا تلتفت إلى كلام الجهال