338 - ـ فصل : ترك أعمال العقل في النظر و الإستدلال إهمال و حمق .
ليس للآدمي أعز من نفسه و قد عجبت ممن يخاطر بها و يعرضها للهلاك .
و السبب في ذلك : قلة العقل و سوء النظر فمنهم من يعرضها للتلف ليمدح بزعمه مثل قوم يخرجون إلى قتل السبع و منهم من يصعد إلى إيوان كسرى ليقال شاطر و ساع يمشي ثلاثين فرسخا و هؤلاء إذا تلفوا حملوا إلى النار .
فأن هلك ذهبت النفس التي يراد المال لأجلها .
و أعجب من الكل من يخاطر بنفسه في الهلاك و لا يدري مثل أن يغضب فيقتل المسلم فيشفي غيظه بالتعذيب في جهنم .
و أظرف من هذا اليهود و النصارى فإن أحدهم يبلغ فيجب عليه أن ينظر في نبوة نبينا صلى الله عليه و سلم فإذا فرط فمات فله الخلود في جهنم و لقد قلت لبعضهم : و يحك تخاطر بنفسك في عذاب الأبد نحن نؤمن بنبيكم فنقول : لو أن مسلما آمن بنبينا و كذب بنبيكم أو بالتوراة خلد في النار فما بيننا وبينكم خلاف إذ نحن مؤمنون بصدقه و كتابه فل لقيناه لم نحجل و لو عاتبنا مثلا و قال هل قمتم بسبت بالسبت و السبت من الفروع و الفروع لا يعاقب عليها بالخلود .
فقال لي رئيس القوم : ما نطالبكم بهذا لأن السبت إنما يلزم بني إسرائيل .
فقلت : فقد سلمنا بإجماعكم و أنتم هالكون لأنكم تخاطرون بأرواحكم في العذاب الدائم .
و العجب بمن يهمل النظر فيما إذا توانى فيه أوجب الخلود في العقاب الدائم .
و أعجب من الكل جاحد الخالق و هو يرى إحكام الصنعة و يقول : لا صانع .
و السبب في هذه الأشياء كلها قلة العقل و ترك إعماله في النظر و الإستدلال