356 - ـ فصل : الأدب يتبع لطافة البدن و صفاء الروح .
رأيت كلاب الصيد إذا مرت بكلاب المحلة نبحتها هذه و بالغت و أسرعت خلفها و كأنها تراها مكرمة مجللة فتحسدها على ذلك .
و رأيت كلاب الصيد حينئذ لا تلتفت إليها و لا تعيرها الطرف و لا تعد نباحها شيئا فرأيت أن كلاب الصيد كأنها ليست من جنس تلك الكلاب .
لأن تلك غليظة البدن كشيفة الأعضاء لا أمانة لها و هذه لطيفة دقيقة الخلقة و معها آداب قد ناسبت خلقتها اللطيفة .
و أنها تحبس الصيد على مالكها خوفا من عقابه أو مراعاة لشكر نعمته عليها .
فرأيت أن الأدب و حسن العشرة يتبع لطافة البدن و صفاء الروح .
و هكذا المؤمن العاقل لا يلتفت إلى حاسده و لا يعده شيئا إذ هو في واد و ذاك في واد .
ذاك يحسده على الدنيا و هذا همته الآخرة فيا بعد ما بين الواديين