40 - ـ فصل : العلم و العمل .
لما رأيت نفسي في العلم حسنا فهي تقدمه على كل شيء و تعتقد الدليل و تفضل ساعة التشاغل به على ساعات النوافل و تقول : أقوى دليل لي على فضله على النوافل أني رأيت كثيرا ممن شغلتهم نوافل الصلاة و الصوم عن نوافل العلم عاد ذلك عليهم بالقدح في الأصول فرأيتها في هذا الاتجاه على الجادة السهلة و الرأي الصحيح .
إلا أني رأيتها واقفة مع صورة التشاغل بالعلم فصحت بها : فما الذي أفادك العلم ؟ أين الخوف ؟ أين القلق ؟ أين الحذر ؟ .
أو ما سمعت بأخبار أخيار الأحبار في تعبدهم و اجتهادهم ؟ .
أما كان الرسول صلى الله عليه و سلم سيد الكل ثم إنه قام حتى ورمت قدماه ؟ .
أما كان أبو بكر Bه شجي النشيج كثير البكاء ؟ .
أما كان في خد عمر Bه خطان من آثار الدموع ؟ .
أما كان عثمان Bه يختم القرآن في ركعة ؟ .
أما كان علي Bه يبكي بالليل في محرابه حتى تخضل لحيته بالدموع ؟ و يقول : [ يا دنيا عري غيري ؟ ] .
أما كان الحسن البصري يحيا على قوة القلق ؟ .
أما كان سعيد بن المسيب ملازما للمسجد فلم تفته صلاة في جماعة أربعين سنة ؟ .
أما صام الأسود بن يزيد حتى اخضر و اصفر ؟ .
أما قالت بنت الربيع بن خيثم له : [ مالي أرى الناس ينامون و أنت لا تنام ] ؟ فقال : [ إن أباك يخاف عذاب البيات ] .
أما كان أبو مسلم الخولاني يعلق سوطا في المسجد يؤدب به نفسه إذا فتر ؟ .
أما صام يزيد الرقاشي أربعين سنة ؟ و كان يقول : و الهفاة سبقني العابدون و قطع بي .
أما صام منصور بن المعتمر أربعين سنة ؟ .
أما كان سفيان الثوري يبكي الدم من الخوف ؟ .
أما كان إبراهيم بن أدهم يبول الدم من الخوف ؟ .
أما تعلمين أخيار الأئمة الأربعة في زهدهم و تعبدهم : أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ؟ فاحذري من الإخلاد إلى صورة العلم مع ترك العمل به فإنها حالة الكسالى الزمنى : .
( و خذ لك منك على مهلة ... و مقبل عيشك لم يدبر ) .
( و خف هجمة لا تقبل العثا ... ر و تطوي الورود علىالمصدر ) .
( و مثل لنفسك أي الرعيل ... يضمك في حلبة المحشر )