74 - ـ فصل : سر إجابة الدعاء .
تأملت حالة عجيبة و هي : أن المؤمن تنزل به النازلة فيدعو و يبالغ فلا يرى أثرا للاجابة .
فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه فإن كان راضيا بالأقدار غير قنوط من فضل الله D فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ لأن هناك يصلح الإيمان و يهزم الشيطان و هناك تبين مقادير الرجال .
و قد أشير إلى هذا في قوله تعالى : { حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه : متى نصر الله } .
و كذلك جرى ليعقوب عليه السلام فإنه لما فقد ولدا و طال الأمر عليه لم ييأس من الفرج فأخذ ولده الآخر و لم ينقطع أمله من فضل ربه { أن يأتيني بهم جميعا } .
و كذلك قال زكريا عليه السلام { و لم أكن بدعائك رب شقيا } .
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة و كن ناظرا إلى أنه المالك و إلى أنه الحكيم في التدبير و العالم بالمصالح و إلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك و إلى أنه يريد أن يرى تضرعك و إلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك إلى غير ذلك و إلى أنه يبتليك بالتأخير لتجارب وسوسة إبليس .
و كل واحدة من هذه الأشياء تقوي الظن في فضله و توجب الشكر له إذ أهلك بالبلاء للالتفاف إلى سؤاله و فقر المضطر إلى اللجأ إليه غنى كله