قوله : 46 - { وبينهما حجاب } أي بين الفريقين أو بين الجنة والنار والحجاب هو السور المذكور في قوله تعالى : { فضرب بينهم بسور } قوله : { وعلى الأعراف رجال } الأعراف : جمع عرف وهي شرفات السور المضروب بينهم ومنه عرف الفرس وعرف الديك والأعراف في اللغة : المكان المرتفع وهذا الكلام خارج مخرج المدح كما في قوله : { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } .
وقد اختلف العلماء في أصحاب الأعراف من هم ؟ فقيل : هم الشهداء ذكره القشيري وشرحبيل بن سعد وقيل : هم فضلاء المؤمنين فرغوا من شغل أنفسهم وتفرغوا لمطالعة أحوال الناس ذكره مجاهد وقيل : هم قوم أنبياء ذكره الزجاج وقيل : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم قاله ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وابن عباس والشعبي والضحاك وسعيد بن جبير وقيل : هم العباس وحمزة وعلي وجعفر الطيار يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسوادها حكي ذلك عن ابن عباس وقيل : هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم وهم في كل أمة واختار هذا القول النحاس وقيل : هم أولاد الزنا روي ذلك عن ابن عباس وقيل : هم ملائكة موكلون بهذا السور يميزون الكافرين من المؤمنين قبل إدخالهم الجنة والنار ذكره أبو مجلز وجملة { يعرفون كلا بسيماهم } صفة لرجال والسيما العلامة : أي يعرفون كلا من أهل الجنة والنار بعلاماتهم كبياض الوجوه وسوادها أو مواضع الوضوء من المؤمنين أو علامة يجعلها الله لكل فرق في ذلك الموقف يعرف رجال الأعراف بها السعداء من الأشقياء { ونادوا أصحاب الجنة } أي نادى رجال الأعراف أصحاب الجنة حين رأوهم { أن سلام عليكم } أي نادوهم بقولهم سلام عليكم تحية لهم وإكراما وتبشيرا أو أخبروهم بسلامتهم من العذاب قوله : { لم يدخلوها وهم يطمعون } أي لم يدخل الجنة أصحاب الأعراف والحال أنه يطمعون في دخولها وقيل معنى { يطمعون } يعلمون أنهم يدخلونها وذلك معروف عند أهل اللغة : طمع بمعنى علم ذكره النحاس وهذا القول أعني كونهم أهل الأعراف مروي عن جماعة منهم ابن عباس وابن مسعود وقال أبو مجلز : هم أهل الجنة : أي أن أهل الأعراف قالوا لهم : سلام عليكم حال كون أهل الجنة لم يدخلوها والحال أنهم يطمعون في دخولها