160 - { وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا } الضمير يرجع إلى قوم موسى المتقدم ذكرهم : لا إلى هؤلاء الأمة منهم الذين يهدون بالحق وبه يعدلون والمعنى : صيرناهم قطعا متفرقة وميزنا بعضهم من بعض وهذا من جملة ما قصه الله علينا من النعم التي أنعم بها على بني إسرائيل والمعنى : أنه ميز بعضهم من بعض حتى صاروا أسباطا كل سبط معروف على انفراده لكل سبط نقيب كما في قوله تعالى : { وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا } وقد تقدم وقوله : { اثنتي عشرة } هو ثاني مفعولي قطعنا لتضمنه معنى التصيير وأسباطا تمييز له أو بدل منه أو { أمما } نعت للأسباط أو بدل منه والأسباط جمع سبط : وهو ولد الولد صاروا اثنتي عشرة أمة من إثني عشر ولدا وأراد بالأسباط القبائل ولهذا أنث العدد كما في قول الشاعر : .
( وإن قريشا كلها عشر أبطن ... وأنت بريء من قبائلها العشر ) .
أراد بالبطن القبيلة وقد تقدم تحقيق معنى الأسباط في البقرة وروى المفضل عن عاصم أنه قرأ { قطعناهم } مخففا وسماهم أمما لأن كل سبط كان جماعة كثيرة العدد : وكانوا مختلفي الآراء يؤم بعضهم غير ما يؤمه الآخر { وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه } أي وقت استسقائهم له لما أصابهم العطش في التيه { أن اضرب بعصاك الحجر } تفسير لفعل الإيحاء { فانبجست } عطف على مقدر يدل عليه السياق : أي فضرب فانبجست والانبجاس : الانفجار أي فانفجرت { منه اثنتا عشرة عينا } بعدد الأسباط لكل سبط عين يشربون منها { قد علم كل أناس مشربهم } أي كل سبط منهم العين المختصة به التي يشرب منها وقد تقدم في البقرة ما فيه كفاية مغنية عن الإعادة { وظللنا عليهم الغمام } أي جعلناه ظللا عليهم في التيه يسير بسيرهم ويقيم بإقامتهم { وأنزلنا عليهم المن والسلوى } أي الترنجبين والسماني كما تقدم تحقيقه في البقرة { كلوا من طيبات ما رزقناكم } أي وقلنا لهم : كلوا من المستلذات التي رزقناكم { وما ظلمونا } بما وقع منهم من المخالفة وكفران النعم وعدم تقريرها حق قدرها { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } أي كان ظلمهم مختصا بهم مقصورا عليهم لا يجاوزهم إلى غيرهم