قوله : 17 - { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم } الفاء جواب شرط مقدر : أي إذا عرفتم ما قصه الله عليكم من إمداده لكم بالملائكة وإيقاع الرعب في قلوبهم فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم بما يسره لكم من الأسباب الموجبة للنصر قوله : { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } اختلف المفسرون في هذا الرمي على أقوال : فروي عن مالك أن المراد به ما كان منه A في يوم حنين فإنه رمى المشركين بقبضة من حصباء الوادي فأصابت كل واحد منهم وقيل : المراد به الرمية التي رمى رسول الله A أبي بن خلف بالحربة في عنقه فانهزم ومات منها وقيل : المراد به السهم الذي رمى به رسول الله A في حصن خيبر فسار في الهواء حتى أصاب ابن أبي الحقيق وهو على فراشه وهذه الأقوال ضعيفة فإن الآية نزلت عقب وقعة بدر وأيضا المشهور في كتب السير والحديث في قتل ابن أبي الحقيق أنه وقع على صورة غير هذه الصورة والصحيح كما قال ابن إسحاق وغيره أن المراد بالرمي المذكور في هذه الآية هو ما كان منه A في يوم بدر فإنه أخذ قبضة من تراب فرمى بها في وجوه المشركين فأصابت كل واحد منهم ودخلت في عينيه ومنخريه وأنفه قال ثعلب : المعنى { وما رميت } الفزع والرعب في قلوبهم { إذ رميت } بالحصباء فانهزموا { ولكن الله رمى } أي أعانك وأظفرك والعرب تقول : رمى الله لك : أي أعانك وأظفرك وصنع لك وقد حكى مثل هذا أبو عبيدة في كتاب المجاز وقال محمد بن يزيد المبرد : المعنى { وما رميت } بقوتك { إذ رميت } ولكنك بقوة الله رميت وقيل المعنى : إن تلك الرمية بالقبضة من التراب التي رميتها لم ترمها أنت على الحقيقة لأنك لو رميتها ما بلغ أثرها إلا ما يبلغه رمي البشر ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت ذلك الأثر العظيم فأثبت الرمية لرسول الله A لأن صورتها وجدت منه ونفاها عنه لأن أثرها الذي لا يطيقه البشر فعل الله D فكأن الله فاعل الرمية على الحقيقة وكأنها لم توجد من رسول الله A اصلا هكذا في الكشاف قوله : { وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا } البلاء هاهنا النعمة والمعنى : ولينعم على المؤمنين إنعاما جميلا واللام متعلقة بمحذوف : أي وللإنعام عليهم بنعمه الجميلة فعل ذلك لا لغيره أو الواو عاطفة لما بعدها على علة مقدرة قبلها : أي ولكن الله رمى ليمحق الكافرين وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا { إن الله سميع عليم } لدعائهم عليم بأحوالهم