الجنوح : الميل يقال : جنح الرجل إلى الرجل : مال إليه ومنه قيل للأضالع جوانح لأنها مالت إلى الحنوة وجنحت الإبل : إذا مالت أعناقها في السير ومنه قول ذي الرمة : .
( إذا مات فوق الرحل أحييت روحه ... بذكراك والعيس المراسيل جنح ) .
ومثله قول عنترة : .
( جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب ) .
يعني الطير والسلم : الصلح قرأ الأعمش وأبو بكر وابن محيصن والمفضل بكسر السين وقرأ الباقون بفتحها وقرأ العقيلي { فاجنح } بضم النون وقرأ الباقون بفتحها والأولى لغة قيس والثانية لغة تميم قال ابن جني : ولغة قيس هي القياس والسلم تؤنث كما تؤنث الحرب أو هي مؤولة بالخصلة أو الفعلة .
وقد اختلف أهل العلم هل هذه الآية منسوخة أم محكمة ؟ فقيل : هي منسوخة بقوله : { فاقتلوا المشركين } وقيل : ليست بمنسوخة لأن المراد بها قبول الجزية وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم فتكون خاصة بأهل الكتاب وقيل : إن المشركين إن دعوا إلى الصلح جاز أن يجابوا إليه وتمسك المانعون من مصالحة المشركين بقوله تعالى : { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم } وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزة وقوة لا إذا لم يكونوا كذلك فهو جائز كما وقع منه A من مهادنة قريش وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرر في مواطنه { وتوكل على الله } في جنوحك للسلم ولا تخف من مكرمهم فـ { إنه } سبحانه { هو السميع } لما يقولون { العليم } بما يفعلون