قوله : 65 - { حرض المؤمنين على القتال } أي حثهم وحضهم والتحريض في اللغة : المبالغة في الحث وهو كالتحضيض مأخوذ من الحرض وهو أن ينهكه المرض ويتبالغ فيه حتى يشفي على الموت كأنه ينسبه إلى الهلاك لو تخلف عن المأمور به ثم بشرهم تثبيتا لقلوبهم وتسكينا لخواطرهم بأن الصابرين منهم في القتال يغلبون عشرة أمثالهم من الكفار فقال : { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } ثم زاد هذا إيضاحا مفيدا لعدم اختصاص هذه البشارة بهذا العدد بل هي جارية في كل عدد فقال : { وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا } وفي هذا دلالة على أن الجماعة من المؤمنين قليلا كانوا أو كثيرا لا يغلبهم عشرة أمثالهم من الكفار بحال من الأحوال وقد وجد في الخارج ما يخالف ذلك فكم من طائفة من طوائف الكفار يغلبون من هو مثل عشرهم من المسلمين بل مثل نصفهم بل مثلهم وأجيب عن ذلك بأن وجود هذا في الخارج لا يخالف ما في الآية لاحتمال أن لا تكون الطائفة من المؤمنين متصفة بصفة الصبر وقيل : إن هذا الخبر الواقع في الآية هو في معنى الأمر كقوله تعالى : { والوالدات يرضعن } { والمطلقات يتربصن } فالمؤمنون كانوا مأمورين من جهة الله سبحانه بأن تثبت الجماعة منهم لعشرة أمثالهم ثم لما شق ذلك عليهم واستعظموه خفف عنهم ورخص لهم لما علمه سبحانه من وجود الضعف فيهم فقال : { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } إلى آخر الآية فأوجب على الواحد أن يثبت لاثنين من الكفار وقرأ حمزة عن عاصم { ضعفا } بفتح الضاد وقوله : { بأنهم قوم لا يفقهون } متعلق بقوله : { يغلبوا } أي إن هذا الغلب بسبب جهلهم وعدم فقههم وأنهم يقاتلون على غير بصيرة ومن كان هكذا فهو مغلوب في الغالب وقد قيل في نكتة التنصيص على غلب العشرين للمائتين والمائة للألف أن سراياه التي كان بعثها A كان لا ينقص عددها عن العشرين ولا يجاوز المائة وقيل في التنصيص فيما بعد ذلك على غلب المائة للمائتين والألف للألفين على أنه بشارة للمسلمين بأن عساكر الإسلام سيجاوز عددها العشرات والمئات إلى الألوف